ثالثا: أقوال في الموت
  إِلَى أَجَلِهِ وَمَنْظُورٌ إِلَى عَمَلِهِ امْرُؤٌ أَلْجَمَ نَفْسَهُ بِلِجَامِهَا وَزَمَّهَا بِزِمَامِهَا فَأَمْسَكَهَا بِلِجَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ وَقَادَهَا بِزِمَامِهَا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ.
  ١٩ - مر علي # بقبر عند انصرافه من صفين فقال: يا أهل القبور ألا أخبركم بما حدث بعدكم؛ أما الأموال فقد قسمت، وأما الأوزاج فقد نكحت، وأما الدور فقد سكنت، فهذا خبركم عندنا، فما خبرنا عندكم؟ ثم قال: لو أذن لهم في الجواب لقالوا: وجدنا خير الزاد التقوى الإرشادالى نجاة العباد.
  ٢٠ - عن الأصبغ بن نباتة، قال: خطب أمير المؤمنين علي #، فقال: عباد اللّه الموت ليس منه فوت، إن أقمتم أخذكم، وإن فررتم أدرككم، الموت معقود بنواصيكم، الإسراع الإسراع، الوحى الوحى، النجى النجى وراءكم طالب حثيث القبر، فاذكروا ضيقه وضنكه وظلمته، ألا وإن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النَّار، ألا وإن من وراء ذلك يوماً تذهل فيه كل مرضعةٍ عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى النَّاس سكارى وماهم بسكارى، ولكن عذاب اللّه شديد، ألا وإن من وراء ذلك اليوم نار حرها شديد، وقعرها عميق، وحلية أهلها فيها حديد، ليس لله فيها رحمة. قال: فبكى المسلمون حول المنبر حتى اشتد بكاؤهم، فقال: ألا ومن وراء ذلك جنة عرضها السموات والأرض، أعاذنا اللّه وإياكم من العذاب الأليم، ورحمنا وإياكم من العذاب المهين، ثم نزل.
  ٢١ - وفي أمالي أبي طالب #: عن الإمام أبي الحسين زيد بن علي @ {ضِعْفَ الْحَيَاةِ} قال: عذاب الحياة، {وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} قال: عذاب القبر.
  ٢٢ - قال الإمام القاسم الرسي #: والموت رحمكم الله فقد أبان النداء، وداعيه فغير مُفتر في الدعاء، يختطف - ملحّاً دائباً - النفوس، ويميت الكبير والصغير المنفوس، لا يُغفِل غافلاً وإن غفل، ولا يؤخر مؤملاً لما أَمَّل، بل يكذب الآمال، ويقطع الآجال، ويفرق بين الأجساد والأرواح، وفي أي مساءٍ يأتي أو صباح، بل في كل حالةٍ وساعةٍ، فكم من بلية أو مَنِيِّة فَجَّاعة، تمنع من روح الأنفاس، وتقطع إلف الإناس، قد رأيناها عياناً، وعلمناها إيقاناً.
  ٢٣ - قال الإمام القاسم الرسي #: كم من شاب ينتظر المشيب، عاجله الموت وأحل به النحيب، كم من مسرور بشبابه، عاجله الموت من بين أحبابه، إلى قبره