رابعا: أشعار في الموت
  لاَ تَرْجِعَنَّ عَلَى الدُّنْيَا بِلائِمَةٍ ... فَعُذْرُهَا لَكَ بادٍ فِي مَسَاوِيْهَا
  تَفني البَنِيْنَ وَتَفْنَي الأَهْل دَائِبَةً ... وَنَسْتِنيمُ إِلَيْهَا لاَ نُعَادِيْهَا
  فَمَا يَزِيْدُكُمُوا قَتْلُ الَّذِي قَتَلَتْ ... وَلاَ العَدَاوَة إِلاَّ رَغْبَةً فِيْهَا
  ١٢٥ - أَيَا لِلمَنَايَا وَيْحَهَا مَا أَجَدَّهَا ... كَأَنَّك يَوْمًا قَدْ توردت وَردها
  ويا لِلمَنَايَا مَالَهَا مِنْ إِقَالَةٍ ... إِذَا بَلَغَتْ مِنْ مُدَّةٍ الْحَيِّ حَدَّهَا
  أَلاَ يَا أَخَانَا إِنْ لِلمَوتِ طَلْعَةً ... وَإِنَّكَ مُذْ صَوَّرْتَ تَقْصُدُ قَصْدَهَا
  وَلِلمَرءْ عِنْدَ الْمَوْتِ كَرْبٌ وَغُصَّةٌ ... إِذَا مَرَّتِ السَّاعَاتُ قَرَبْنَ بُعْدَهَا
  سَتُسَلِمُكَ السَّاعَاتُ فِي بَعْضِ مَرِّهَا ... إِلَى سَاعَةٍ لاَ سَاعَةٌ لَكْ بَعْدَهَا
  وَتَحْتَ الثَّرَى مِنِّيْ وَمِنْكَ وَدَائِعٌ ... قَرِيْبَةُ عَهْدٍ إِنْ تَذَكَّرْتَ عَهْدَهَا
  مَدَدْتَ الْمُنَى طُوْلا وَعَرْضًا وَأنَّهَا ... لتَدْعُوكَ أَنْ تَهْدَأ وَأنْ لاَ تَمدَّهَا
  وَمَالَتْ بِكَ الدُّنْيَا إِلَى اللَّهْوِ وَالصِّبَا ... وَمَنْ مَالَتْ الدُّنْيَا بِهِ كَانَ عَبْدَهَا
  إِذَا مَا صَدَقْتَ النَّفْسَ أَكْثَرْتَ ذَمَّهَا ... وَأَكْثَرْتَ شَكْوَاهَا وَأَقْلَلْتَ حَمدَهَا
  بِنَفْسِكَ قَبْلَ النَّاسِ فَاَعِنْ فَإِنَّهَا ... تَمُوتُ إِذَا مَاتَتْ وَتَبْعَثُ وَحْدَهَا
  وَمَا كُلُّ مَا خُوَّلْتَ إِلاَ وَدِيْعَةٌ ... وَلَنْ تَذْهَبِ الأَيَّامُ حَتَّى تَرُدَّهَا
  إِذَا أَذْكَرَتْكَ النَّفْسُ دُنْيَا دَنِيَةً ... فَلا تَنْسَ رَوْضَاتِ الْجِنَانِ وَخُلْدَهَا
  أَلَسْتَ تَرَى الدُّنْيَا وَتَنْغَيِص عَيْشِهَا ... وَإِتْعَابِهَا لِلمُكْثِرِين وَكَدَّهَا
  وَأَدْنَى بَنِي الدُّنْيَا إِلَى الغَيِّ وَالعَمَى ... لِمَنْ يَبْتَغِيْ مِنْهَا سَنَاهَا وَمَجْدَهَا
  هَوَى النَّفْسِ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَنْ تَغُوْلُهَا ... كَمَا غَالَتِ الدُّنْيَا أَبَاهَا وَجَدَّهَا
  ١٢٦ - وَإِنَّ عَلَيْنَا حَافِظِيْنَ مَلائِكًا ... كِرَامًا بِسُكَّانِ البَسِيْطةِ وُكَّلُوا
  فَيُحْصُونَ أَقْوالَ ابْنِ آدَمَ كُلَّهَا ... وَأَفْعَالَهُ طُرا فَلا شَيءَ يُهْمَلُ
  وَلا حَيَّ غَيْرُ اللهِ يَبْقَى وَكُلُّ مَنْ ... سِوَاهُ لَهُ حَوضُ المَنيَّةِ مَنْهَلُ
  وَإِنَّ نُفُوسَ العَالمَيْنَ بِقَبْضِهَا ... رَسُولٌ مِنَ اللهِ العَظِيْمِ مُوَكَّلُ
  وَلا نَفْسَ تَفْنَي قَبْلَ إِكْمَالِ رِزْقِهَا ... وَلَكِنْ إِذَا تَمَّ الكِتَابُ المُؤَجَّلُ
  وَسِيَّانِ مِنْهُمْ مَن وَدي حَتْفَ أَنْفِه ... وَمَن بالظُبَا وَالسَّمْهَرِيَّةِ يُقْتَلُ