فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  وقال هشام بن الحكم(١) ومن قال بقوله، وأبو بكر الأصم ومن قال بقوله: ليس في العالم عرض(٢) لأنه لا يعقل إلا الجسم الطويل العريض الشاغل للمكان، ومحال أن يكون ليس بشاغل، ومن ثمّ(٣) نفوا الأعراض.
  وقال بشر بن المعتمر(٤) ومن قال بقوله: اللون والطّعم والرّائحة والصّوت والحسّ وما أشبه ذلك أعراض وأن جوهرا قابلا لها، وزعموا أن الحركة ليست بأعراض ولا أجسام؛ لأن الأعراض تبقى زمنين(٥)، والحركة لا تبقى زمنين ماض وحال. قال: وقد كفانا أبو الهذيل مئونة مناظرتهم. ذكر الإمام الناصر لدين اللّه أحمد بن يحيى @ في كتاب النّجاة(٦): أن أبا الهذيل ناظر حفصا
(١) هشام بن الحكم الرافضي، من الشيعة المجسمة، أدرك زمن المأمون، الخليفة العباسي سنة ٢١٨ هـ وله أتباع يعرفون بالهشامية.
(٢) في (ت): ليس ثمّ في العالم عرض.
(٣) في (ج): فمن ثمّ.
(٤) هو أبو سهل بشر بن المعتمر الهلالي، أبو عثمان، من الطبقة السادسة، وكان رئيسا للمعتزلة في بغداد في عصره، وقيل: إنه من أهل الكوفة. ومن تلاميذه ثمامة. وبلغ الرشيد أنه شيعي فحبسه، فقال في الحبس شعرا، ثم أفرج عنه. انتهى.
(٥) يعني ماض وحال.
(٦) هو الإمام الناصر لدين اللّه أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب $، وهو أحد الأئمة الأعلام، عالم، عامل، مجتهد، مجاهد، ورع، زاهد، عادل، سخي، شجاع، اجتمعت فيه شروط الإمامة العظمى، فتولاها بعد اعتزال أخيه الإمام محمد المرتضى سنة ٣٠٣ هـ، وكانت حياته في جهاد واجتهاد، وعلم وعمل، حتى توفاه اللّه بصعدة سنة ٣٢٥ من الهجرة النبويّة، وأخباره ومناقبه كثيرة، وله مؤلفات كثيرة في كل العلوم، وإلى الآن لم يطبع منها إلا كتاب النجاة. انتهى.