حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح

صفحة 115 - الجزء 1

  والحرارة، والبرودة، والرّطوبة، واليبوسة، والأصوات، والآلام، وسنورد أقوالهم في ذلك في موضع الاحتجاج - إن شاء اللّه تعالى - على مخالفيهم.

  وقالت المطرفيّة: الأعراض كلّها تعلم ولا تدرك بالحواسّ، وقالوا:

  هي لا تحلّ ولا تحلّ ولا تتوهّم، وأثبتوها شيئا لا يرى.

  وقالوا: لا يرى اللون ولكنه يعلم، ولا يسمع الصّوت لكنه يسمع الجسم المصوت، ولا يدرك عندهم الطّعم، ولا الرّائحة، ولا الحرارة، ولا البرودة، ولا الآلام، لكن تدرك الأجسام وتعلم الأعراض.

  فأوّل ما يحتج به عليهم من العقل أن اللّه قد خلق للإنسان، وغيره من الحيوان خروقا في جسده لما يدخل ويخرج. فمنها ما خلق لما يدخل ويخرج لصلاح العبد وهو: الفم والمنخران، فالدّاخل هو المطعوم، والمشروب، والرائحة، وما يستنشق من الهواء. والخارج:

  الأنفاس، والقيء، وشبهه. ومنها ما خلق لما يخرج وهو السبيلان.

  ومنها ما خلق لما يدخل وهما الأذنان، ولا خلاف في ذلك.

  فنقول لهم: أخبرونا عن هذا الدّاخل في الأذنين ما هو أجسم أم عرض؟

  فإن قالوا: جسم. قلنا: وأيّ الأجسام هو؟ أتقولون: هو المتكلّم على الكمال، أو جزء من جسمه؟

  فإن قالوا: هو الإنسان على الكمال، فالخرق ضيّق لا يسعه.