فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  فعدمه ووجوده [على](١) سواء، ولا معنى له ولا نفاعة فيه.
  وإذا لم يكن أيضا محسوسا، ولا موهوما، لم يكن مشابها للأجسام ولا للأعراض(٢)؛ وكان متنزّها عن النقصان والأعراض(٣).
  قال أمير المؤمنين # في الدرة اليتيمة: (ما تخيّل فالتشبيه له مقارن، وما توهّم فالتنزيه له مباين) وهو يريد بذلك أن اللّه تعالى لا يتخيّل، ولا يتوهّم. فإذا كان العرض بهذه الصفة، فالتشبيه له مباين، والتنزيه له مقارن، ولم يقل أحد بمثل هذه المقالة(٤) غير هذه الفرقة.
  ولأنهم أقرّوا بالعرض ثم نفوه؛ فقالوا: الجسم هو الهواء وما حوى من الأرض والسماء وما بينهما من جميع الأشياء، فإذا لم يكن في الهواء، ولا في الأرض، ولا في السماء، ولا بينهما، ولا هو من الأشياء التي بينهما، فليس هو بشيء يعلم(٥) فمن هاهنا نفوه.
  واعلم أن هؤلاء القوم قد أصّل لهم مشايخهم في الكلام أصولا، وبنوا عليها، وعرفوها وأنكروا سواها، وصارت دينا لهم لا يرون الخروج منه أصلا، ولا يقبلون فيه حجّة محتجّ عليهم(٦)، بل ينسبون من قال بغير قولهم إلى الجهل والخطأ، ولا يرون أن تنقض أصول
(١) زيادة في (ب، ت، ع، م).
(٢) في (ي): للأجسام والأعراض. وفي (ص): للأجسام ولا الأعراض.
(٣) في (ن): والأغراض.
(٤) في (ب، ص، س، ش): بهذه المقالة.
(٥) في (ج): فليس هو شيء يعلم.
(٦) في (ب، ت): حجة من يحتج عليهم.