فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  وقال أمير المؤمنين #: (لأن الصّفة على نفسها تدلّ وفي غيرها تحلّ). وقال القاسم بن إبراهيم @ في القرآن: سماويّ أحلّه اللّه برحمته أرضه. وقال الهادي إلى الحق # في صفة الإنسان: ثم علق(١) في صدره قلبا، وركّب فيه لبّا، وجعله وعاء للعقل الكامل، وحصنا للرّوح الجائل.
  وأما قولهم: ليس العرض يوهم ولا يحسّ، وإنما يحسّ الجسم ويعلم العرض، فمن الرد عليهم: أنّ البهائم عندنا وعندهم لا عقول لها تعلم بها وتميّز، وقد رأيناها بالمشاهدة تسمع الأصوات. وقد حكى اللّه تعالى أنها تسمع الدّعاء قال عزّ من قائل: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ}[البقرة: ١٧١]، فنصّ اللّه على أنها تسمع الدعاء والنداء، والدعاء غير الداعي، والنداء غير المنادي بالإجماع، فصح أنها تسمع الأصوات وقال اللّه تعالى: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}[النمل: ٨٠]، وقال تعالى: {وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ}[الأنبياء: ٤٥]، وقال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ}[آل عمران: ٥٢]، وقال تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً}[مريم: ٩٨]. وقال المؤيد باللّه: وروي عن القاسم @ أنه قال: الرّكز: الصوت، ذكره في جواب مسائل سئل عنها.
  وسئل # عن قول اللّه: {وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً}[طه: ١٠٨]، قال(٢): الهمس هو حسّ الأقدام، الذي ليس معه
(١) في (ض): ثم خلق.
(٢) في (أ): وقال. وفي (ض): فقال.