حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح

صفحة 129 - الجزء 1

  فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ}⁣[الرحمن: ٢٤]، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ}⁣[آل عمران: ١٠٩]، وقال تعالى: {أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}⁣[الأنفال: ٢٨]، فالملك للّه على الحقيقة، ولأن السيد⁣(⁣١) يملك عبده وما ملك.

  ومما يدل على حلول العرض في الجسم أن الحركة والسكون لا يخلو العالم منهما، وهما أكبر الحجج على حدث العالم، فلما ثبت أن الحركة والسكون حالتان قائمتان في العالم صحّ أن لهما محلّا وشبحا.

  ومما يؤيد ذلك قول أمير المؤمنين # في الدرّة اليتيمة: (كلّ معروف بنفسه مصنوع، وكلّ قائم في سواه معلول). فثبت أن الأعراض حالّة في الأجسام، وبطل قولهم: إن العرض لا يحلّ ولا يحلّ ولا يوهم.

  وأما الحجّة في أن الألوان شيء فنقول: إنا لما رأينا الشّعر الأسود في حالة أسود، ثم رأيناه في حالة أبيض، وعينه قائمة، علمنا أن البياض شيء، وأن السواد شيء، وأنهما ضدّان، يبطل أحدهما بحضور الآخر، ولا يكون العدم ضدّا لغيره يبطله، ولا يكون أيضا العدم يحدث ويبطل، فكذلك البسرة⁣(⁣٢) تكون تارة خضراء، وتارة حمراء، وعينها قائمة، فصحّ أن اللون شيء. ومما يؤيد ذلك قول اللّه تعالى:

  {وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ}⁣[الروم: ٢٢]، فذكر أن اللون من آياته، فصحّ أنه شيء؛ لأنه لا يكون شيء من آيات اللّه عدما. وأيضا فإن الأمة مجمعة على ذلك، فبطل قولهم: إن الصفة هي الوصف، ولا صفة في الجسم غيره.


(١) في (ب): وليس السيد.

(٢) في (ش): وكذلك البسرة.