فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  وثبت أن في الجسم صفة غير حالّة فيه(١) غير الوصف. وقال علي بن الحسين @(٢) في توحيده: (ضادّ الظّلمة بالنّور، والجلاية بالبهم، والخشونة باللين، والصّرد بالحرور).
  والدليل على أن اللون يرى بالأعيان أن الأعمى لا يتأتّى له أن يصف شيئا بلونه، وكذلك من لا يرى الشيء لا يصفه بلون، ولا يوصل إلى معرفة اللون من طريق السّمع، ولا من طريق الشمّ، ولا من طريق الذّوق، ولا من طريق اللمس، فلما لم يكن يوصلنا إلى معرفة اللون من أيّ هذه الطرق(٣)، وكانت تحصل معرفة اللون من طريق النظر؛ علم أنه يرى بالأعيان.
  ودليل آخر: أن البسرة لما رأيناها خضراء، ثم رأيناها حمراء، ثم رأيناها صفراء، وعينها قائمة، فلو كان اللون يعلم ولا يرى لما فرق
(١) في (ش): صفة غيره حالة فيه.
(٢) هو الإمام السجاد علي بن الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب $ الهاشمي العلوي الحسيني، أبو محمد، زين العابدين، سمع أباه، وابن عباس، والمسوّر بن مخرمة، وأبا رافع، وعائشة، وصفية، وآخرين، وعنه أولاده: محمد وعبد اللّه وزيد وعمر والحسين وعلي، والقطان، والزّهري، وآخرون. قال القطان: هو أفضل هاشمي رأيت بالمدينة، وقال الزهري: ما رأيت أفضل منه. واختلف في مولده، فقيل: في سنة خمسين، وقيل: في آخر خلافة عثمان، وقيل غير ذلك، قال الزبير بن بكّار: كان عمره يوم الطف ١٣ سنة. قال السيد الحافظ: فضائله # أكثر من أن تحصى، أو يحيط بها الوصف. وقال الجاحظ في كتابه الذي صنّفه في فضل بني هاشم: أما علي بن الحسين، فلم أر الخارجي إلا كالشيعي، ولم أر الشيعي إلا كالمعتزلي، ولم أر المعتزلي إلا كالعامّي، ولم أر العامّي إلا كالخاصّي، ولم أر أحدا يمتري في فضله. وقد صنّف الذهبي في مناقب زين العابدين كتابا. انتهى.
توفي # في سنة أربع وتسعين من الهجرة النبوية، وقيل: غير ذلك. وقبره بالبقيع.
(٣) في (ش): فلما لم يوصل من أي هذه الطرق.