فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  واستدل من قال: (هو يتلون مع الأشياء) أنه إذا جعل في إجانة خضراء(١) رؤي أخضر، وإذا كان في بيضاء رؤي أبيض وأشباه ذلك.
  وقال من زعم أن لونه أسود: إنه لما رؤي الكثير منه أسود، كالذي يكون في الغدير العظيم، والبحر، والبئر العميقة، علم أن لونه أسود.
  واستدل من يقول(٢): (إن لونه أبيض) بأنه إذا رمي به في الهواء أنه يرى أبيض. فلما كان كل هؤلاء لا يستدلون عليه إلا بالنظر علم أنه مرئيّ.
  وللأئمة $ أقوال تدل على صحة ما ذهبنا إليه؛ منها قول القاسم بن إبراهيم @ في مناظرته للملحد: (فالبصر طريق الهيئات، والألوان). وقال في ردّه على المجبرة: والعقل روحانيّ [لطيف] لا يرى بالعيون، لأنه ليس بشبح ولا لون ولا جسم.
  وقال # في ردّه على الملحد: على أنا نجد الصّور والهيئات والألوان والصّفات بعد أن لا نجدها فيها، ووجود الشيء بعد عدمه أدلّ الدّلالة على حدوثه، فحدّثني عن الصورة(٣) من أي شيء حدثت؟
  فإن قلت: إنها قديمة أحلت، وذلك أنها لو كانت قديمة لكانت في هذا المصوّر الذي ظهرت الصورة فيه أو في عنصره الذي يسمّونه هيولى(٤). فإن كانت في هذا المصوّر بان فساد قولكم ودعواكم،
(١) في (ج): في أجامة خضراء.
(٢) في (ه): واستدل من قال.
(٣) في (ت): على حدثه، حدّثني عن الصورة.
(٤) في (ش): الذي تسمونه هيولى.