حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح

صفحة 134 - الجزء 1

  واستدل من قال: (هو يتلون مع الأشياء) أنه إذا جعل في إجانة خضراء⁣(⁣١) رؤي أخضر، وإذا كان في بيضاء رؤي أبيض وأشباه ذلك.

  وقال من زعم أن لونه أسود: إنه لما رؤي الكثير منه أسود، كالذي يكون في الغدير العظيم، والبحر، والبئر العميقة، علم أن لونه أسود.

  واستدل من يقول⁣(⁣٢): (إن لونه أبيض) بأنه إذا رمي به في الهواء أنه يرى أبيض. فلما كان كل هؤلاء لا يستدلون عليه إلا بالنظر علم أنه مرئيّ.

  وللأئمة $ أقوال تدل على صحة ما ذهبنا إليه؛ منها قول القاسم بن إبراهيم @ في مناظرته للملحد: (فالبصر طريق الهيئات، والألوان). وقال في ردّه على المجبرة: والعقل روحانيّ [لطيف] لا يرى بالعيون، لأنه ليس بشبح ولا لون ولا جسم.

  وقال # في ردّه على الملحد: على أنا نجد الصّور والهيئات والألوان والصّفات بعد أن لا نجدها فيها، ووجود الشيء بعد عدمه أدلّ الدّلالة على حدوثه، فحدّثني عن الصورة⁣(⁣٣) من أي شيء حدثت؟

  فإن قلت: إنها قديمة أحلت، وذلك أنها لو كانت قديمة لكانت في هذا المصوّر الذي ظهرت الصورة فيه أو في عنصره الذي يسمّونه هيولى⁣(⁣٤). فإن كانت في هذا المصوّر بان فساد قولكم ودعواكم،


(١) في (ج): في أجامة خضراء.

(٢) في (ه): واستدل من قال.

(٣) في (ت): على حدثه، حدّثني عن الصورة.

(٤) في (ش): الذي تسمونه هيولى.