فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  وغيرهم من العوام، وقد بيّنا فيما خالفوا. فصحّ أن جميع الألوان مرئيّة بالأعيان؛ وكذلك النّور والظّلمة(١) القياس واحد فهو سواد وبياض. (والشعاع جسم لطيف يرى بالأعيان)(٢).
  وأيضا فإنه روي عن ابن عباس أن عبد المطلب بن هاشم مرّ بولده عبد اللّه على يهوديّة يقال لها: فاطمة بنت مرّة الخثعمية، وأن نور النبوءة في وجهه(٣) ... الخبر، فدلّ على أن النّور يرى. وروي عن النبيء ÷ أنه قال: «التفكّر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور» وهذا معروف عند الناس، يقول القائل: رأيت ضياء القمر، ورأيت ظلمة الليل؛ قال الشاعر:
  أيها العبد كن لما لست ترجو ... من نجاح أرجى لما أنت راج
  إن موسى مضى ليقبس نارا ... من ضياء رآه والليل داج
  يقول: إنه لما رأى الضّياء حسبه ضياء نار، فمضى ليقتبس من النّار.
  وقد قال القاسم بن إبراهيم @ في ردّه على ابن المقفع:
  وقد ترى الأبصار إن(٤) أشرقت الأنوار فحينئذ ترى الأشياء، وترى الظّلمة والضّياء وهو سواد وبياض، والشّعاع جسم يرى بالأعيان.
(١) في (ش): وكذلك لون النور والظلمة.
(٢) ساقط في (ث).
(٣) في (ض): ورأت نور النبوءة في وجهه.
(٤) في (ج): إذا.