حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام فيما اتفق عليه أهل القبلة وما اختلفوا فيه من التوحيد

صفحة 179 - الجزء 1

  وبقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}⁣[الذاريات: ٥٨]، وبقول الناس:

  انظروا إلى قدرة اللّه⁣(⁣١). فإن معنى قوله: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} أي: أنزله وهو عالم به. وقوله: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} أي: من معلومه، وقوله: {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} معناه: القويّ المتين. وقول اللّه تعالى:

  {سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ}⁣[الصافات: ١٨٠]، المعنى: سبحان ربك العزيز. وقد تكون العزة اللّه اسما وحكما غيره تنفي عنه اسم الذلّة وحكمها⁣(⁣٢) كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}⁣[المنافقون: ٨]. وأما قول الناس: انظروا إلى قدرة اللّه؛ فالمعنى: انظروا إلى اقتدار اللّه؛ لأنهم لا يقولون ذلك إلا إذا رأوا خلقا من خلق اللّه عظيما، قال اللّه تعالى: {وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً}⁣[الأحزاب: ٣٨].

  وقالت الصفاتية: يصح أن يرى اللّه تعالى من طريق العقل، ونراه في الآخرة قطعا، وإنما يراه المؤمنون دون المعاقبين. ومنهم من جوز أن يراه أهل النار، واستدلوا بقول اللّه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ٢٢ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ}⁣[القيامة: ٢٢ - ٢٣]، وبما روي عن النبيء ÷(⁣٣) قال: «سترون ربكم يوم القيامة كالقمر ليلة البدر».

  والرد عليهم - من طريق العقل - أن المرئيّ يحتاج إلى شروط يصح أن يرى لحصول الشروط، وهي المقابلة أو ما يكون في حكمها، كمن يرى وجهه في المرآة، أو أن يكون المرئيّ حالّا في المقابل كحلول


(١) في (ض): انظر إلى قدرة اللّه.

(٢) في (ض): أو حكما غيره ينفي عنه اسم الذلة وحكمها.

(٣) في (ث): وبما رووا عن رسول اللّه ÷.