فصل في الكلام فيما اتفق عليه أهل القبلة وما اختلفوا فيه من التوحيد
  السّواد والبياض في الجسم، وهذا اعتلال أهل العدل(١) والتوحيد من الزيدية والمعتزلة، وإذا كان اللّه مقابلا، أو في حكم المقابل، أو حالّا في المقابل، احتاج أن يرى(٢) بالحاسّة، ولو جاز أن يرى بغير هذه الشروط لاستوى في ذلك الأعمى والبصير، وهذا هو التّشبيه - جلّ اللّه عن ذلك، وتعالى علوّا كبيرا.
  ومن الشروط ألا يكون بين الرائي، والمرئي حائل، يمنع من نظره.
  ومن الشروط أن تكون آلة الرائي صحيحة.
  ومن الشروط أن لا يكون المرئيّ لطيفا تمنع لطافته من الرّؤية.
  ومن الشروط التّحديق إلى المرئي وفتح العين وتقليب الحدقة.
  وهذه الشروط كلها توجب أن المرئي محدود (في مكان)(٣) وأنه حالّ أو محلول أو في حكم الحالّ، أو جسم أو لون، وإذا كان بهذه الصفات كان محدثا مصنوعا - تعالى اللّه عن ذلك.
  وأيضا فإن اللّه تعالى تمدّح بقوله: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام: ١٠٣]، والآية تدلّ على التّمدح من قوله:
  {بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}[البقرة: ١١٧]، وإذا زال موجب التمدّح وجب النقص. وقد مدح نفسه بأنه {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}، وأنه لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأنه لا يظلم العباد. فلو جاز أن يفعل
(١) في (ج): وهذا عند أهل العدل.
(٢) في (ع، ش): أحتاج إلى أن يرى. وفي (ن): لزم أن يرى.
(٣) ساقط في (ض).