فصل في الكلام فيما اتفق عليه أهل القبلة وما اختلفوا فيه من التوحيد
  ناظرة، كما قال اللّه حاكيا عن إبراهيم #: {إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الصافات: ٩٩]، أراد إني ذاهب إلى حيث أمرني ربّي؛ وقد روي هذا التفسير عن أمير المؤمنين # وعن ابن عباس وغيرهما.
  وأيضا فإن النظر غير الرؤية. والنّظر هو تقليب الحدقة وفتحها إلى جهة المرئي؛ ويدل على ذلك أنّ من ينظر الهلال، يقال: نظر إلى الهلال، وإن لم يره.
  وأما استدلالهم بالخبر: «سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته» فإنه من خبر الآحاد، وخبر الآحاد لا يقبل في الأصول. وهذا الخبر أيضا مرويّ عن قيس بن حازم، وقيس هذا لا تقبل روايته لأنّها مطعونة من وجوه:
  أحدها: بغض عليّ #(١) وكفى بذلك طعنا فيه لأن أقلّ أحواله الفسق. والذي يدل على ضعفه وأنه ليس من النبيء ÷ أنه يقتضي التّشبيه؛ ولأن الكاف في لغة العرب تدخل للتشبيه؛ قال اللّه تعالى:
  {يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ٨ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ}[المعارج: ٨ - ٩]، وقال:
  {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ ٤ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ}[القارعة: ٤ - ٥]، والعرب تقول: زيد كعمرو، وفرسي كفرس فلان. وقوله: «كما ترون القمر» وهذا هو التشبيه المحض لأنّ القمر يرى في مكان دون مكان، ويرى مدوّرا على صفة مخصوصة. وهو جسم، وإذا كان اللّه يرى في مكان دون مكان، وكان محويا
(١) في (ض): بغضه لعلي #.