حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

(5) باب حقيقة معرفة العدل

صفحة 199 - الجزء 1

(٥) باب حقيقة معرفة العدل

  اعلم أن معنى قولنا: (إن اللّه عدل) هو أنه منزّه⁣(⁣١) عن صفات النّقص في أفعاله، وهو أنه لا يفعل القبيح، ولا يرضاه، ولا يحبه، ولا يريده، ولا يجبر العبد عليه، ولا يكلّف أحدا فوق طاقته، وأنه لا يمنع المكلّف الاستطاعة، وأنه لا يجور ولا يظلم أحدا، ولا يكذب، ولا يخلف الوعد والوعيد⁣(⁣٢).

  والدليل على أنه منزّه عن هذه الصفات التي توجب النقص من طريق العقل أنه قد ثبت أنّ اللّه عالم لنفسه، قادر، حكيم، غنيّ⁣(⁣٣)، فثبت أن العالم القادر الحكيم الغنيّ لا يفعل القبيح، ولا يرضاه، ولا يأمر به، والعقل يشهد⁣(⁣٤) أن فعل القبيح قبيح، وأن من أمر به أو رضي بفعله يكون كمن فعل القبيح. والعقل أيضا يحكم ويشهد على أنه لا يفعل القبيح إلا من جهل قبحه، أو احتاج إلى فعل القبيح لشهوة داعية، أو غضب مؤذ، أو طمع فيما لا يجوز، أو سفاهة أو سخف رأي، أو استماع مشورة مضلّ أو جاهل.


(١) في (س، ش): بمعنى أنه منزّه.

(٢) في (ش، ب، ص، ع): ولا الوعيد.

(٣) في (ت، ص، ع): أنه قد ثبت أن اللّه عالم قادر غني حكيم لنفسه.

(٤) في (ض): والعقل يحكم ويشهد. وفي (ص): والعقل يشهد ويحكم.