حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في اختلاف أهل القبلة في العدل وذكر ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه

صفحة 214 - الجزء 1

  المحسن أولى بثواب الإحسان من المذنب، ولا المذنب أولى بعقوبة الذنب من المحسن، تلك مقالة إخوان الشيطان، وعبدة الأوثان، وخصماء الرحمن، وشهداء الزور، وأهل البغي والفجور، هم قدريّة هذه الأمة ومجوسها، إن اللّه تعالى أمر تخييرا، ونهى تحذيرا، ولم يكلّف عسيرا، ولا بعث الأنبياء عبثا، ولا أرى عجائب الآيات باطلا {ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}⁣[ص: ٢٧]. فقال: وما ذلك القضاء الذي ساقنا؟ فقال أمير المؤمنين #: أمر اللّه تعالى بذلك وإرادته له، ثم تلا عليهم: {وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً}⁣[الإسراء: ٢٣].

  فنهض الشيخ مسرورا بما سمع وهو يقول:

  أنت الإمام الذي نرجو بطاعته ... يوم النّشور من الرحمن رضوانا

  أوضحت من ديننا ما كان مشتبها ... جزاك ربّك عنّا فيه إحسانا

  وروي أن أبا بكر سئل وهو على منبر رسول اللّه ÷ عن الكلالة فقال: ما سمعت فيها شيئا، وسأقول فيها برأيي - فإن أصبت فاللّه وفّقني، وإن أخطأت فالخطأ منّي، ومن الشيطان، واللّه ورسوله منه بريّان⁣(⁣١) - أراه ما خلا الوالد والولد. فلما ولي عمر قال: أستحي أن أردّ قضاء، قضى به أبو بكر.


(١) في (ب، ص): بريثان.