حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الاستطاعة

صفحة 221 - الجزء 1

  وقال إبراهيم النظام: أنت مستطيع قبل الفعل، وأحال أن تكون الاستطاعة غير المستطيع، وعلته أنه لو كانت الاستطاعة غيره لكانت مفسدة عليه ولكانت غير معينة له.

  وللمتكلمين في هذا كلام طويل، ونحن عمدنا في كتابنا هذا [إلى] الاختصار.

  ونحن نقول: إن الاستطاعة قبل الفعل، وهي جسم وعرض.

  فالجسم هو الحواسّ⁣(⁣١) واللسان واليدان والرّجلان وسائر الجوارح، والعرض قوة النّفس، وهي قبل الفعل، فإذا أراد الفعل تحركت له النفس.

  وقوة النفس عرض حالّ في الجسم، يتناول بها المعصية كما يتناول بها الطاعة، والعبد قادر بها على الفعل، قادر بها على تركه؛ ولأن اللّه قد جعلها في العبد وجعله مالكا لها ولم يجعلها مالكة له، ومكّنه بها على فعل الطاعة التي خلقه لها، وجعله مستطيعا بها على فعل المعصية ليبلوه، ولولا ذلك ما استحقّ⁣(⁣٢) الحمد والثواب على فعله للطاعات ولزوم نفسه عن المنكرات، ولما استحقّ الذّم والعقاب على فعله للمحرّمات وتركه للواجبات. ولو كانت الاستطاعة مع الفعل، وكانت الاستطاعة على الشيء ولا تكون على ضدّه؛ كان اللّه قد كلّف ما لا يطاق، ولو كلّف العبد ما لا يطيقه⁣(⁣٣) لكان (ذلك)⁣(⁣٤)


(١) في (ض): هي الحواس.

(٢) في (ص): لما استحق.

(٣) في (ص): ما لا يطاق له.

(٤) ساقط في (ع).