حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الوعد والوعيد

صفحة 223 - الجزء 1

  وروي عن النبيء ÷ أنه سئل عن الاستطاعة على الحجّ فقال: «هي الزّاد والرّاحلة». ألا ترى أنه لم يجب⁣(⁣١) إلا بعد حصول الاستطاعة، وأن اللّه تعالى ما كلّف الحج إلا من استطاع إليه؟ فصحّ أن الاستطاعة قبل الفعل، وقال اللّه تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن: ١٦]، وقال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها}⁣[البقرة: ٢٨٦]، وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}⁣[النور: ٦١]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، وقال تعالى:

  {وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}⁣[فصلت: ٤٦]، وأبو حنيفة والشافعي يوافقاننا⁣(⁣٢) في أن الاستطاعة على الحج قبل الفعل - وهو الزّاد والرّاحلة - فصح أن الاستطاعة قبل الفعل، وأن اللّه لا يكلّف المعسور.

فصل في الكلام في الوعد والوعيد

  أما الوعد فلا خلاف بين أهل القبلة فيه، وإنما اختلفوا في صدق الوعيد.

  فعندنا، وعند المعتزلة؛ أن اللّه صادق الوعيد، كما أنه صادق الوعد، وأن من مات مصرّا على معصية أنه مخلّد⁣(⁣٣) في النار وإن كان من أهل القبلة.


(١) في (ب، ج، د): أنه لا يجب.

(٢) في (ص): وافقاننا.

(٣) في (ب، ص): أنه يخلد.