حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الوعد والوعيد

صفحة 224 - الجزء 1

  وقالت الحشوية، والمرجئة: لا يستحق أهل القبلة العذاب، واستدلّوا بقول اللّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ}⁣[النساء: ٤٨]، ونفوا المنزلة بين المنزلتين. وقالوا: الناس مؤمن وكافر، وحجتهم قول اللّه تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}⁣[التغابن: ٢].

  وقالت المرجئة: يجوز أن يعذبهم، ويجوز أن يعفو عنهم، وهو قول بعض المعتزلة، وعلتهم أنهم قالوا: ليس العفو بقبيح⁣(⁣١)، ألا ترى أن إنسانا لو توعد⁣(⁣٢) عبده بالعذاب والضّرب، والحبس ثم قدر عليه وعفا عنه أن ذلك لا يكون قبيحا.

  واستدلوا عليه بقول الشاعر:

  وإني إن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومصدق موعدي⁣(⁣٣)

  وقد روي أن عمرو بن عبيد | تناظر هو ورجل من المرجئة، فاحتج المرجئ بقول الشاعر:

  لمخلف إيعادي ومصدق موعدي⁣(⁣٤)

  فاحتجّ عليه عمرو بن عبيد بقول اللّه تعالى: {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ}⁣[الأعراف: ٤٤].


(١) في (ع): إن ذلك لا يكون بقبيح.

(٢) في (ب، ع، ش): لو وعد. وفي (أ): ألا ترى أن الإنسان لو أوعد.

(٣) في (أ): ليخلف إيعادي ويصدق موعدي.

(٤) في (أ): ليخلف إيعادي، ويصدق موعدي.