حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الوعد والوعيد

صفحة 226 - الجزء 1

  بقوله: {إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ}. وكذلك في الذين سعدوا تقديره: وأما الذين كتب لهم اسم السعادة في الدنيا، ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض، إلا أن يخرجوا من الطاعة إلى المعصية في الدنيا.

  وهو المراد بقوله: {إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ}.

  ومما يؤيد ذلك أن الذين سعدوا لا يخرجون من الجنة أبدا إذا ماتوا سعداء بالإجماع. فلو جاز خروج أحد من النار، جاز خروج من يدخل الجنّة؛ لأن الاستثناء هاهنا في ذكر الجنة والنار. فبطل تعلّقهم بهذه الآية.

  وقد قيل: [إن]⁣(⁣١) معنى {إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ} المراد به: وقت الحساب.

  وأما الخبر الذي رووه عن النبيء ÷ فهو خبر ضعيف؛ لأنه من خبر الآحاد، وإن صحّ فالمراد به: من حكم له⁣(⁣٢) بأنه من أهل النار ثم تاب في الدنيا خرج مما حكم عليه به.

  ويدل على هذا التأويل ما روي عن النبيء ÷ أنه سمع مؤذنا⁣(⁣٣) يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدا رسول اللّه. فقال ÷:

  «خرج من النار».

  ونحن نعارضهم بالكتاب والسنة، قال اللّه تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً}⁣[النساء: ٩٣]، وقال تعالى: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ ١٥


(١) زيادة في (ب، ش، ص).

(٢) في (ص): من حكم اللّه له.

(٣) في (ص): أنه سمع مناديا.