حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام فيما يجب أن يعتقد بالقلب من الشكر

صفحة 278 - الجزء 1

  ومن واجبات القلوب: التوبة، والندم، والتواضع، والمحبّة والرحمة لأولياء اللّه، والبغض والعداوة لأعداء اللّه، وإنكار المنكر.

  فهذه الأصول والفروع يجب معرفتها بالقلب، ويجب نفي أضدادها عن القلب؛ فضد الإيمان الكفر، وهو جحد أو شرك أو شك، والجهل ضدّ العلم، والشكّ ضدّ اليقين، والرّياء ضدّ الإخلاص، والشكر ضدّ الكفر، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ٤ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ٥ الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ ٦ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ}⁣[الماعون: ٤ - ٧]. وروي عن أنس أنه قال: الحمد للّه كما قال: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ}، ولم يقل: (في صلاتهم ساهون) ذكره المؤيد باللّه في الزيادات.

  واعلم أن الرياء والمباهاة يبطلان الأعمال، ويفسدان الأفعال؛ وقد روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «إذا كان يوم القيامة فأول ما يدعى رجل جمع القرآن فيقول اللّه له: عبدي ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ فيقول: بلى يا رب. فيقول: ما ذا عملت فيما علمت؟

  فيقول: يا رب كنت أقوم به الليل والنهار. فيقول اللّه تعالى: كذبت بل أردت أن يقال: فلان قارئ، فقد قيل ذلك، اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء. ثم يدعى بصاحب المال فيقول اللّه تعالى: عبدي ألم أنعم عليك؟ ألم أفضل عليك؟ ألم أوسع عليك؟ فيقول: بلى يا رب، فيقول: ما ذا عملت فيما آتيتك؟ فيقول: يا رب كنت أصل الرحم⁣(⁣١)، وأتصدّق، وأفعل؛ فيقول اللّه تعالى: كذبت بل أردت أن يقال: فلان جواد، فقد قيل ذلك، اذهب فليس لك اليوم عندنا


(١) في (ض): أصل به الرحم.