فصل في الكلام في التجارة
  كما أن التاجر ينظر فيما يبيع ويشتري فما علم أنه يربح فيه - أو غلب في ظنه - شراه وكسبه، وما كان يعلم - أو يغلب على ظنه - أنه يخسر فيه لم يشتره، ويتجنّبه؛ وكذلك(١) يجب على المؤمن أن ينظر في دينه، فما كان يزيد في حسناته فعله وتقدم إليه(٢)، وما كان ينقص حسناته(٣) ويزيد سيئاته تجنّبه؛ ولأن الدين تجارة قال اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ١٠ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الصف: ١٠ - ١١]، وقال تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}[الشورى: ٢٠].
  وقد دلنا اللّه تعالى على التجارة، وضمن لنا الربح؛ وأخبرنا بما يزيد في العمل ويوجب الربح. وأخبرنا بما يفسد عملنا ويبطل فعلنا.
  وأخبرنا باجتهاد الصالحين قبلنا في التجارة الربيحة(٤). وأخبرنا بمن فسد عليه عمله فقال تعالى: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها}[الأنعام: ١٦٠]، وقال تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ}[التغابن: ١٧]، وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}[الحديد: ١١]، وقال تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}[الحديد: ٧]، وقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٦١]،
(١) في (ش): فكذلك.
(٢) في (ط، ي): وتقدّم له. وفي (ت): ويقدم له.
(٣) في (ع): من حسناته. وفي (م): في حسناته.
(٤) في (ل): الرابحة.