حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في التجارة

صفحة 301 - الجزء 1

  كما أن التاجر ينظر فيما يبيع ويشتري فما علم أنه يربح فيه - أو غلب في ظنه - شراه وكسبه، وما كان يعلم - أو يغلب على ظنه - أنه يخسر فيه لم يشتره، ويتجنّبه؛ وكذلك⁣(⁣١) يجب على المؤمن أن ينظر في دينه، فما كان يزيد في حسناته فعله وتقدم إليه⁣(⁣٢)، وما كان ينقص حسناته⁣(⁣٣) ويزيد سيئاته تجنّبه؛ ولأن الدين تجارة قال اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ١٠ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}⁣[الصف: ١٠ - ١١]، وقال تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}⁣[الشورى: ٢٠].

  وقد دلنا اللّه تعالى على التجارة، وضمن لنا الربح؛ وأخبرنا بما يزيد في العمل ويوجب الربح. وأخبرنا بما يفسد عملنا ويبطل فعلنا.

  وأخبرنا باجتهاد الصالحين قبلنا في التجارة الربيحة⁣(⁣٤). وأخبرنا بمن فسد عليه عمله فقال تعالى: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها}⁣[الأنعام: ١٦٠]، وقال تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ}⁣[التغابن: ١٧]، وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}⁣[الحديد: ١١]، وقال تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}⁣[الحديد: ٧]، وقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ}⁣[البقرة: ٢٦١]،


(١) في (ش): فكذلك.

(٢) في (ط، ي): وتقدّم له. وفي (ت): ويقدم له.

(٣) في (ع): من حسناته. وفي (م): في حسناته.

(٤) في (ل): الرابحة.