فصل في الكلام في التجارة
  عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[التوبة: ١١٢]، وقال تعالى:
  {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ}[الزمر: ٩].
  وقد مثل رسول اللّه ÷ الصلاة بالتجارة؛ فكذلك(١) سائر أعمال البرّ؛ فإنه روي عنه ÷ أنه قال لأمير المؤمنين #: «يا عليّ مثل الذي لا يتمّ صلاته كحبلى حبلت، فلما دنا نفاسها أسقطت، فلا هي ذات حمل، ولا ذات ولد، ومثل المصلّي مثل التاجر لا يخلص ربحه حتى يأخذ رأس ماله؛ كذلك المصلي لا تقبل له نافلة حتّى يؤدي الفريضة» فصح أن الدّين تجارة.
  ومما يدل على وجوب تدبر العاقبة فيما يستقبل فعله العبد: ما روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال لعلي #: «عليك باليأس مما في أيدي الناس فإنه الغنى الحاضر»، فقلت: زدني يا رسول اللّه صلى اللّه عليك، فقال: «يا عليّ إياك والطمع فإنه الفقر الحاضر» فقلت: زدني يا رسول اللّه صلى اللّه عليك، فقال: «إذا هممت بأمر فتدبّر عاقبته، فإن يك خيرا فاتبعه وإن يك غيّا فدعه»، ثم قال: «يا عليّ إن من اليقين أن لا ترضي أحدا بسخط اللّه، ولا تحسد أحدا على ما آتاه اللّه(٢)، ولا تذم أحدا على ما لم يؤتك اللّه فإن الرزق لا يجره حرص حريص، ولا يصرفه كراهة كاره، إن اللّه(٣) بحكمه وفضله جعل الرّوح والفرح في الرّضا، وجعل الهمّ والحزن في الشكّ والسّخط».
(١) في (ل): وكذلك.
(٢) في (ب، ت، ع): ولا تحمد أحدا على ما آتاك اللّه. وهو خطأ.
(٣) في (ج، ع، ل): فإن اللّه.