حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الآجال

صفحة 338 - الجزء 1

  كان الاختلاف موجودا في الزائد على مائة وعشرين كذلك فيما دون المائة والعشرين.

  وأما قولهم: (إنه لا يموت أحد قبل هذا الحد الذي حدّوه بقضاء اللّه وفعله، بل بسبب عارض⁣(⁣١) لم يرده اللّه)، وهذا القول ينتقض⁣(⁣٢) عليهم من وجوه:

  منها أن الطبيعة لا تكون أكثر من العوارض والفساد، ولو كان الفساد غالبا على الطبيعة لكان الفساد غالبا للصلاح، ولو كان ذلك كذلك لكان فعل اللّه مغلوبا؛ ولأنه⁣(⁣٣) لا يكاد يبلغ المائة والعشرين إلا القليل، مع أن من بلغ هذا الحد يكون عاجزا ضعيفا، قال اللّه تعالى:

  {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ}⁣[يس: ٦٨].

  ومنها أن اللّه تعالى لم يهمل الخلق، ولا ضيّع العباد⁣(⁣٤)، قال اللّه تعالى: {أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ}⁣[المؤمنون: ١١٥]، وقال تعالى: {وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}⁣[ص: ٢٧].

  وإذا كان⁣(⁣٥) موت من يموت قبل هذا الحد بغير تعدّ من أحد ولم يكن من اللّه، فمن فاعل الموت الذي لم يشاهد للميت قاتل؟ مثل من يناله مرض فيموت منه، ولم يكن من الميت⁣(⁣٦) استجلاب له،


(١) في (ص، ل): لسبب عارض.

(٢) في (ت، س، م): ينقض.

(٣) في (ه، د، ي): لأنه.

(٤) في (ص): لا يهمل الخلق ولا يضيع العباد.

(٥) في (ص): فإذا كان.

(٦) في (ش): ولم يكن للميت.