حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الآجال

صفحة 342 - الجزء 1

  خاصة للمتعبّدين من الناس، فكذلك الآية الأولى، فلا حجة لهم بهذه الآية.

  وأما ما روي عن القاسم، والمؤيد باللّه @ في ذكر العمر الطبيعي فإن مرادهما غاية العمر، وأكثر ما يعمّر أهل العصر؛ لأنهما ذكرا المفقود، وليس غرضهما (أنه)⁣(⁣١) العمر الذي لا يأذن اللّه بموت أحد قبله.

  وقد قال محمد بن القاسم @ - في كتاب الآجال في مسائل علي بن جهشيار الطبري ردّا على من زعم أن القتل بقضاء اللّه:

  ولقد قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}⁣[الإسراء: ٣١]، فلو لم⁣(⁣٢) يجعل اللّه أجلا وأرزاقا ثم ابتلاهم لم يكن ليقول: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} وما كان اللّه يعدهم الرزق وقد قضى عليهم الموت، إلا أنهم حين أطاعوا ربهم وانتهوا رزقوا هم وأولادهم⁣(⁣٣) إلى ما شاء اللّه من آجالهم، فمن شاء تبارك وتعالى أن يقدّم أجله قدّمه، ومن شاء أن يؤخر أجله أخّره إلى أجله، إذا ترك آباؤهم الاعتداء عليهم. وقد سئل قوم⁣(⁣٤) عن قول اللّه تعالى:

  {وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا}⁣[آل عمران: ١٤٥].

  فقالوا: القتل هو الموت. ولسنا والحمد للّه ننكر أن النفس لا تموت إلا بإذن اللّه، ولكن الأجل في ذلك أجلان: أجل العباد فيه مبتلون،


(١) ساقط في (ع، ل، م).

(٢) في (ص): ولو لم.

(٣) في (ل، م): رزقهم وأولادهم.

(٤) في (أ): وقد سأل قوم.