فصل في الكلام في الآجال
  وأجل إلى اللّه، فإن ترك العباد فيه الاعتداء على العبد، فإن شاء اللّه أن يقبضه في تلك الساعة فعل، وإن شاء أن يؤخره فعل، والأمر في ذلك إلى اللّه في الموت والحياة، إن شاء اللّه أن يصرف اعتداء العباد فعل، وإن شاء أن يتركهم واعتداءهم فعل، وقد روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «الدعاء يرد القضاء، وإنّ البرّ يزيد في العمر، وإن الحج ينفي الفقر، وإن صدقة النهار تنفي ميتة السوء، وإن صدقة الليل تطفئ غضب الرب».
  وروي عنه ÷ أنه قال: «صلة الرّحم تزيد في العمر». وعن علي # أنه قال: (وصلة الرّحم فإنها ثروة في المال، ومنساة في الأجل، وتكثير في العدد) فصح ما قلنا من أن اللّه تعالى يقبض روح من يشاء كما يشاء ومتى شاء صغيرا أو كبيرا، وأنه لا حد للعمر محدود. وبطل قول المطرفية في المساواة في الموت والحياة.
  وأما قولهم: (إن اللّه ساوى بين الناس في التعبد)، فإن في الشاهد أن اللّه تعالى تعبّد الأنبياء À بتبليغ الرسالة، والقيام بصلاح الرعية، وتعبّد الأئمة بإقامة الحدود، وتنفيذ الأحكام، والقيام مقام الأنبياء $. فصح أن الناس على فرقتين: رعاة ورعيّة، ولم يساو في التعبد بين الرعاة والرعيّة. وأيضا فلم يتعبّد المملوك بمثل ما تعبد المالك، فإن المملوك لا يجب عليه الحج إلا بإذن مولاه، ولا الجمعة، ولا الخروج في الجهاد ولا الهجرة إلا بإذن سيده، ولا زكاة عليه.