حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام فيما اختلفت فيه الأمة من عذاب القبر والنفخ في الصور والميزان والكتاب والصراط والشفاعة وعذاب أطفال المشركين

صفحة 353 - الجزء 1

  مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ٩ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ ١٠ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ ١١ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ١٢ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ ١٣ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ١٤ أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}⁣[ق: ١ - ١٥]، وقال تعالى: {أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ٣٦ أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ٣٧ ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ٣٨ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ٣٩ أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى}⁣[القيامة: ٣٦ - ٤٠]. فهل ترى⁣(⁣١) حجة أفلج من حجة اللّه، أو برهانا أبهر من برهان اللّه؟!

فصل في الكلام فيما اختلفت فيه الأمة من عذاب القبر والنفخ في الصور والميزان والكتاب والصراط والشفاعة وعذاب أطفال المشركين

  واعلم أن هذه الجملة قد اختلف فيها. فقال قوم: إن الإنسان يحيا بعد انصراف من يقبره، ويقعد في قبره، ويسأل عن فعله ثم يمات.

  واستدلوا بما حكاه اللّه من قول أهل النار: {قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ}⁣[غافر: ١١]. وبما روي عن أمير المؤمنين # من قوله: (وأقعد في قبره).

  وعندنا أنه ليس بين الدنيا والآخرة غير موتة واحدة؛ والدليل على ذلك قول اللّه تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى}⁣[الدخان: ٥٦]، وقوله حاكيا قول المتسائلين يوم القيامة: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ


(١) في (ب، ص، ط): فهل تكون.