فصل في الكلام فيما اختلفت فيه الأمة من عذاب القبر والنفخ في الصور والميزان والكتاب والصراط والشفاعة وعذاب أطفال المشركين
  يَتَساءَلُونَ ٥٠ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ ٥١ يَقُولُ أَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ٥٢ أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَ إِنَّا لَمَدِينُونَ ٥٣ قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ٥٤ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ ٥٥ قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ٥٦ وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ٥٧ أَ فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ٥٨ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}[الصافات: ٥٠ - ٥٩]. فصح أنه ليس غير موته واحدة(١). ومعنى قول اللّه فيما حكى من قول أهل النار فيها: {رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}: أن مبتدأ خلق الإنسان من الموات، وهو الطّين والنطفة والمضغة والعلقة، فهو في هذه الحال ميّت، فهذه موتة، والموتة الثانية المشهورة بين الدنيا والآخرة. وأما قول أمير المؤمنين #: (وأقعد في قبره) فالمراد به عند بعثه ونشره [والخلاف في إحيائه في القبر وإماتته ميتة ثانية. فأما عذاب القبر للعاصين فنقول به ونصدّق به، وقد ورد في ذلك أخبار عن النبيء ÷، ولم يؤثر(٢) في وقته أثر، واللّه أعلم. ونحسب أنه عند بعثه واللّه أعلم، والقول عليه عندنا(٣): أنه يعذّب عند بعثه ونشره](٤) ويؤيد ما قلنا قول زيد بن علي $: (أيها الناس إن اللّه خلقكم ليبلوكم أيكم أحسن عملا، جعل(٥) موتا بين حياتين: موتا بعد حياة(٦)، وحياة ليس بعدها موت). وهذا نص فيما ذهبنا إليه، وذلك أن مقام الإنسان في القبر قليل، ولذلك سماه اللّه زيارة للقبر
(١) في (ج، ل، ي): فصح أنه لا موتة غير واحدة.
(٢) في (ه، ل): ولم يأت.
(٣) في (ط، س): والمعمول عليه عندنا.
(٤) ما بين القوسين المعقوفين ساقط في (ث).
(٥) في (ع): وجعل.
(٦) في (ص): موتا بعده حياة.