حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الصور

صفحة 355 - الجزء 1

  فقال تعالى: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ١ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ}⁣[التكاثر: ١ - ٢]، ومن فنّ الزائر أنه لا يلبث إلا قليلا، وليس هو كالحالّ. وقد حكى اللّه قول أهل النار: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ١٠٢ يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً ١٠٣ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً}⁣[طه: ١٠٢ - ١٠٤].

  ومعنى قوله تعالى: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} أي يدخل⁣(⁣١) سواد عيونهم⁣(⁣٢) في بياضها.

  وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ ٥٥ وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}⁣[الروم: ٥٥ - ٥٦].

فصل في الكلام في الصّور

  وقد اختلف في قول اللّه تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}⁣[يس: ٥١]. فقيل:

  معناه: ونفخ في الصّور. وروي عن ابن عباس أنه قال: الصّور: قرن ينفخ فيه إسرافيل.

  وعندنا أنه صوت يحدثه اللّه تعالى يفزع منه من في السماوات والأرض، وقد قال اللّه تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ


(١) في (ب، ع، د): أنه يدخل.

(٢) في (ع): سواد أعينهم.