حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الكتاب

صفحة 362 - الجزء 1

فصل في الكلام في الكتاب

  واختلف في الكتاب الذي يؤتى الإنسان يوم القيامة:

  فقال قوم من المعتزلة: هو العلم.

  وعندنا وعند بعض المعتزلة وسائر الأمّة أنه الكتاب المعقول، وأن اللّه تعالى وكلّ الملائكة⁣(⁣١) - صلى اللّه عليهم - على جميع المكلفين من الآدميين يكتبون⁣(⁣٢) ما يفعلون، وقد ورد بذلك القرآن، قال اللّه تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ١٠ كِراماً كاتِبِينَ ١١ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ}⁣[الانفطار: ١٠ - ١٢]، وقال تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ١٧ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}⁣[ق: ١٧ - ١٨]، وقال تعالى:

  {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ}⁣[يس: ١٢]، وقال تعالى حاكيا قول النادمين يوم القيامة: {يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}⁣[الكهف: ٤٩]، وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ ١٨ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ ١٩ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ٢٠ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ٢١ فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ ٢٢ قُطُوفُها دانِيَةٌ ٢٣ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ ٢٤ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ ٢٥ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ ٢٦ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ٢٧ ما أَغْنى


(١) في (ع): وكل به الملائكة.

(٢) في (ص): فيكتبون.