حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في أزواج أهل الجنة

صفحة 372 - الجزء 1

فصل في الكلام في أزواج أهل الجنة

  اعلم أن اللّه تعالى يزوّج عبيده من إمائه يوم القيامة بمن يشاء وكيف يشاء. فأما من مات مؤمنا وله زوجة مؤمنة فلم تخلف بعده زوجا فأحسب - واللّه أعلم - أنها زوجته يوم القيامة، وكذلك لو ماتت ولم يتزوّج أختها، ولا من يحرم عليه الجمع بينهما، فإن تزوج أختها - بعدها - أو عمتها أو خالتها فزوجته⁣(⁣١) في الجنة الأخرى دون الأولى. وإن مات وتزوّجت بعده فهي للزوج الآخر في الجنّة؛ والدليل على ما قلنا ما روي عن الهادي إلى الحق # في جوابه للرازي يرفعه إلى النبيء ÷ أنه سئل عن زوجة المؤمن هل تكون له زوجة في الجنة إذا كانت مؤمنة؟ فقال ÷: «نعم يجمع اللّه بين أهل البيت إذا كانوا مؤمنين في دار ثواب المتقين».

  وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الزوجيّة تنقطع بينهما، واستدلوا بما روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي». فهذا الخبر محمول (عندنا)⁣(⁣٢) على الشفاعة دون الزوجية. وقول اللّه تعالى: {فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ}⁣[المؤمنون: ١٠١] المراد به أنه لا ينفع النسب يوم القيامة، وقوله:

  {وَلا يَتَساءَلُونَ} المراد به أن كل إنسان مشغول بنفسه في الموقف ويوم الحساب، قال اللّه تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ٣٧ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ٣٨ وَصاحِبَتِهِ


(١) في (س، ج، د): فإن زوجته.

(٢) ساقط في (أ).