حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في أزواج أهل الجنة

صفحة 373 - الجزء 1

  وَبَنِيهِ ٣٦ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}⁣[عبس: ٣٤ - ٣٧]، فأما في الجنّة فإنهم يتساءلون، قال اللّه تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ ٢٥ قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ ٢٦ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ ٢٧ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}⁣[الطور: ٢٥ - ٢٨].

  وكذلك أيضا أهل النار يتساءلون في النار: {قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ ٢٨ قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٢٩ وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ}⁣[الصافات: ٢٨ - ٣٠] فصحّ أن المراد به: ولا يتساءلون في الموقف، ولا أنساب بينهم نافعة لهم.

  ويدلّ أيضا على صحة ما قلنا أن الميّت إذا مات فقد خرج من أحكام الدنيا، وصار من أهل الآخرة، وقد جاء [أيضا]⁣(⁣١) عن الصالحين من الصحابة وغيرهم من المؤمنين أن الرجل يغسل زوجته إذا ماتت إذا أراد ذلك، والمرأة تغسل زوجها؛ وقد روي عن عائشة أنها قالت: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما غسل رسول اللّه ÷ غير نسائه، ولم ينكر ذلك عليها أحد. وروي عن النبيء ÷ أنه دخل⁣(⁣٢) على عائشة وهي تقول: وا رأساه، فقال ÷:

  «لا عليك لو متّ قبلي لغسّلتك وكفّنتك وحنطتك ودفنتك».

  وروي أن أمير المؤمنين # غسّل فاطمة &.

  وروي أن أسماء بنت عميس غسّلت زوجها أبا بكر ولم ينكر أحد


(١) زيادة في (ص).

(٢) في (ش): أنه لما دخل.