(11) باب حقيقة معرفة النبيء ÷
(١١) باب حقيقة معرفة النبيء ÷
  اعلم أنه لما ثبت أن اللّه ما خلق الخلق(١) إلا لمصلحة، وما خلق المتعبّدين إلا ليعبدوه، وأنه قد أعطاهم من الاستطاعة والعقل ما يبلغون به المراد من التكليف العقلي.
  والتكليف العقلي معرفة العبد لخالقه ونفي صفات النقص عنه في ذاته وفي أفعاله، ومعرفة النعمة والبلاء والجزاء، واستحسان الحسن والعمل به، واستقباح القبيح والتجنب له. وكان العقل يحكم بحصول الحاجة الداعية إلى التكليف الشّرعي؛ لأن العقل لا يؤدي إلى معرفة كيفية العبادة كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج، وأشباه ذلك.
  وكان التكليف الشرعي لا يحصل إلا برسول من عند اللّه تعالى، وكان إرسال الرسل من تمام الحجة وكمال النعمة.
  ولما كان العقل الذي هو أكبر حجج اللّه على عبده يجده العبد في نفسه لنفسه(٢) ولم يكن العقل غير استحسانه للحسن، واستقباحه للقبيح، ونظره وتمييزه لنفسه بنفسه(٣) وجب(٤) أن يكون الرسول
(١) في (ص): لم يخلق الخلق.
(٢) في (ب، ج، د): لنفسه في نفسه. وفي (ص): بنفسه في نفسه.
(٣) في (س): بنفسه لنفسه.
(٤) قوله: (وجب) هو جواب (لما) الأولى. تمت.