حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الاختلاف في الكتاب

صفحة 415 - الجزء 1

  أحدا ولا يكلمه كما يكلم ذو اللسان واللهوات، ولم يكن العلم يصل منه إلى العبد إلا بالوحي⁣(⁣١).

  والوحي ينقسم على وجوه⁣(⁣٢):

  فمنها الإلهام؛ كما ألهم اللّه الملك الأعلى - صلى اللّه عليه - القرآن وغيره من الكتب.

  ومن الإلهام ما ألهم اللّه [به]⁣(⁣٣) الحيوان من استجلاب المنافع والنفار عن المضار كإلهام النحل، وغيره مما لا يعقل ومما يعقل، فهذا وحي؛ قال اللّه تعالى: {وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}⁣[النحل: ٦٨].

  ومن الوحي ما أراه اللّه تعالى النبيء ÷ في المنام قال اللّه تعالى - حاكيا عن إبراهيم - صلى اللّه عليه - من قوله لابنه إسماعيل - صلى اللّه عليه: {يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى}⁣[الصافات: ١٠٢]، وقال اللّه تعالى لنبيه ÷: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ}⁣[الأنفال: ٤٣].

  ومن الوحي: الكلام الذي يحدثه اللّه في بعض ما خلق، مما لا ينطق، كالكلام الذي سمعه موسى من الشجرة.

  ومن الوحي ما أتى به جبريل # من الملك الأعلى إلى النبيء


(١) في (أ): إلا بوحي.

(٢) في (ن): إلى وجوه.

(٣) زيادة في (س، ي، د).