فصل في الكلام في الاختلاف في الكتاب
  أحدا ولا يكلمه كما يكلم ذو اللسان واللهوات، ولم يكن العلم يصل منه إلى العبد إلا بالوحي(١).
  والوحي ينقسم على وجوه(٢):
  فمنها الإلهام؛ كما ألهم اللّه الملك الأعلى - صلى اللّه عليه - القرآن وغيره من الكتب.
  ومن الإلهام ما ألهم اللّه [به](٣) الحيوان من استجلاب المنافع والنفار عن المضار كإلهام النحل، وغيره مما لا يعقل ومما يعقل، فهذا وحي؛ قال اللّه تعالى: {وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}[النحل: ٦٨].
  ومن الوحي ما أراه اللّه تعالى النبيء ÷ في المنام قال اللّه تعالى - حاكيا عن إبراهيم - صلى اللّه عليه - من قوله لابنه إسماعيل - صلى اللّه عليه: {يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى}[الصافات: ١٠٢]، وقال اللّه تعالى لنبيه ÷: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ}[الأنفال: ٤٣].
  ومن الوحي: الكلام الذي يحدثه اللّه في بعض ما خلق، مما لا ينطق، كالكلام الذي سمعه موسى ﷺ من الشجرة.
  ومن الوحي ما أتى به جبريل # من الملك الأعلى إلى النبيء
(١) في (أ): إلا بوحي.
(٢) في (ن): إلى وجوه.
(٣) زيادة في (س، ي، د).