حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في نبيئنا محمد ÷

صفحة 424 - الجزء 1

  ومن معجزاته ÷: إذعان البعير الصّائل، وإصغاؤه رأسه إليه، وسجوده بين يديه، فقيل له: سجد لك يا رسول اللّه حين رآك، فقال: «لا، لا تبلغوا بي ما لم أبلغ فلعمري ما سجد لي ولكن اللّه سخّره لي».

  ومن معجزاته ÷ ما كان من الاستسقاء.

  ومعجزاته ÷ كثيرة، وأكبرها القرآن، فإنه من أكبر معجزاته ÷.

  والدليل على أنه معجز أن اللّه تحدّى به من جحده بأن يأتي بسورة من مثله فما قدروا، قال اللّه تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}⁣[البقرة: ٢٣]، وقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ}⁣[هود: ١٣]، وقال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}⁣[الإسراء: ٨٨].

  فتحدّى العرب مع فصاحتهم وبلاغتهم، وكانوا يتباهون بالبلاغة، ويتفاخرون بالفصاحة، ويرون ذلك من أشرف المناقب وأفخر المآثر، فكفّوا⁣(⁣١) عن المعارضة فيه، وأمسكوا عن المحاورة، مع أنهم كانوا من أحرص الناس في توهين أمر النبيء ÷، وفي إطفاء نوره، قال اللّه تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ}⁣[الصف: ٨]. فكان من كفار العرب والعجم أنهم أعرضوا عن هذا التحدّي، وعجزوا أن يأتوا بسورة مثله⁣(⁣٢) وعادوا إلى الحرب. وفي الشاهد أنه إذا تحدّي إنسان بفعل شيء ولم يفعله، وعاد إلى غيره أنه قد أعجزه.


(١) في (ط، ب، ع): وكفوا.

(٢) في (ص): أن يأتوا بمثله.