حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في اختلاف الأمة في إمامة علي بن أبي طالب #

صفحة 460 - الجزء 1

  إلا الأقل. وأخبرنا: أن أكثر الناس لم يؤمنوا ولم يعقلوا فقال تعالى:

  {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ}⁣(⁣١) [هود: ١٧]، وقال تعالى: {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}⁣[الأعراف: ١٨٧]، وقال: {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ}⁣(⁣٢) فصحّ أن إجماع من أجمع من الأمة على إمامة أبي بكر لا يؤخذ به، وإنما يؤخذ بإجماع العلماء والصحابة، والإجماع وقع في علي #؛ لأنهم مجمعون معنا أنه مستحقّ للمقام، وأنه وصيّ رسول اللّه ÷ في ديونه وأموره الخاصة، ونحن غير مجمعين معهم في أصحابهم وأئمتهم، فنحن أولى بحجة الإجماع منهم.

  وأما سكوت أمير المؤمنين # عن حقه: فإنه اجتهد مع رسول اللّه ÷ في جمع المؤمنين وتألّفهم⁣(⁣٣)، وخشي إن نازع في حقه أن يفرّق ما جمع رسول اللّه ÷، وكان لو نازع القوم وعارضهم لشق عصا الإسلام، وكان عهد الناس بالشرك قريبا، وكان المشركون والكفار، والمنافقون والفاسقون، يريدون ذلك ليشتغل المسلمون بعضهم ببعض، وكان في ذلك فساد الإسلام، فرأى تغطية المسلمين على ما هم عليه أولى، وهو أهون العسرين. فهذا سبب وقوفه وسكوته عن حقه، وقلة أيضا نصيحة أعوانه وأنصاره؛ وليس ذلك بعجيب، قد أخرج⁣(⁣٤) رسول اللّه ÷ من بيته، وتبع فاختبأ في الغار للتّقية، فلم يعب بذلك؛ فكذلك أمير المؤمنين #، وله برسول اللّه


(١) في جميع النسخ: (ولكن أكثر الناس لا يعقلون) وليس في القرآن الكريم آية هكذا. تمت

(٢) في جميع النسخ: (ولكن أكثر الناس لا يفقهون) وليس في القرآن الكريم آية هكذا.

(٣) في (ش): وتأليفهم.

(٤) في (ض): وقد أخرج.