فصل في الكلام في اختلاف الأمة في إمامة علي بن أبي طالب #
  وأما قيام أمير المؤمنين # على معاوية بن أبي سفيان فإنه لما قتل المسلمون عثمان، واضطروا إلى عليّ # وألجئوا إليه(١) من خوف معاوية لعنه اللّه، ولحاجتهم إلى القائم، فامتنع من القيام بهم لما علم منهم من قلّة الوفاء والصّدق، ولم يثق بهم لما تقدم منهم من تقديم أبي بكر وعمر وعثمان عليه، فكره ذلك، فما زالوا يطلبونه القيام، ويعدونه الصبر معه والوفاء له، فلما وجبت عليه الحجّة بوجود الأنصار، قام وبايعه(٢) المسلمون، فما لبث الزبير بن العوام وطلحة ومن والاهما(٣) إلا قليلا ثم نكثوا البيعة، وخرجوا بعائشة إلى البصرة لحرب عليّ #. وموجب ذلك أنهم أرادوا الدنيا، وكان أمير المؤمنين # يريد الآخرة، فاختلفت نيّاتهم وقد قال اللّه تعالى:
  {أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}[البقرة: ٨٧]، فجمعوا على أمير المؤمنين الأعداء، وحاربوه حربا شديدا. وروي(٤) عنه # أنه قال: (بليت بأربعة لم يبل بهم أحد:
  بعائشة بنت أبي بكر أطوع الناس في الناس، وبطلحة بن عبيد اللّه أنطق الناس في الناس، وبالزبير بن العوام أشجع الناس بالناس، وبيعلى بن منبه(٥) التميمي الذي يعين عليّ بأصواع الذهب والفضة).
  ثم خرج أمير المؤمنين # إلى الكوفة ودعا(٦) أصحاب عائشة
(١) في (ب، ت): ولجئوا إليه.
(٢) في (ش): ومن تابعه.
(٣) في (ب، ص، ط): ومن وادّهما.
(٤) في (ع، ب): روي.
(٥) في (ث): بيعلى بن منية. يقال: يعلى بن منبّه باعتبار أبيه، ويعلى بن منية باعتبار أمه. تمت.
(٦) في (ص): فدعا.