حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الأئمة من بعدهما

صفحة 477 - الجزء 1

  من صلح منهم للإمامة. وقد قدمنا الاحتجاج⁣(⁣١) عليهم وعلى المعتزلة والخوارج ما فيه كفاية، وقد قال اللّه تعالى: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً ١٠ رَسُولًا}⁣[الطلاق: ١٠ - ١١] فسمّى رسوله ذكرا، ثم قال: {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}⁣[النحل: ٤٣].

  وقال رسول اللّه ÷: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي». وروي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «أحبوا اللّه لما يغذوكم به من نعمته⁣(⁣٢)، وأحبوني لحب اللّه، وأحبوا أهل بيتي لحبي» فصحّ أن لأهل بيته ÷ مزيّة ليست لغيرهم؛ ولأنهم مجمع عليهم، وغيرهم مختلف فيه.

  واختلفت الأمة في الإمامة وفي عقدها، فعند الزيدية أن الإمامة تحصل للإمام وتجب عند من تعرف⁣(⁣٣) منه القرابة بأن يكون من ولد الحسن والحسين، ويكون عالما بما يحتاج إليه من أصول الدين وفروعه، ويكون جيّد التّمييز، عارفا لمحكم الكتاب ولمتشابهه، عارفا بجملة من الأخبار عن النبيء المختار ÷، ويكون عارفا بجملة من الوفاق والخلاف، ويكون ورعا عفيفا، طيّب المولد والمنشأ، ويكون مستقيم اللّسان، معروفا بالكرم والإحسان، غير مهين ولا جبان، فإذا تم فيه ما ذكرنا، ودعا الناس إلى طاعة اللّه وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجبت بيعته ولزمت طاعته.


(١) في (ث): من الاحتجاج.

(٢) في (ش): من نعمه.

(٣) في (ع): يعرف.