فصل في الكلام في العقل
  يزول العقل ولا حجة لهم في هذا؛ لأن المجبوب لا تنبت لحيته، والفساد واقع بالجبّ(١)، وموضع نبات الشعر سالم، لكن هنالك موادّ من ناحية الموضع جبّ، فلما انقطعت تلك المواد لم تنبت الشعر(٢)، فكذلك لا يمتنع أن يكون هنالك(٣) مواد من ناحية الدّماغ إلى القلب، وأيضا فاللّه جعل اللحية دليلا على الذّكر(٤)، فإذا جبّ الذّكر لم يكن اللّه ليجعل دليلا على غير مدلول عليه، فمن هنالك لم تنبت له اللحية، إلا النادر من الناس الذي يسمّى (الكوسج) الذي ذمّه أمير المؤمنين #، فقال: «لا يوجد في أربعين كوسجا رجل خيّر».
  والعقل على وجهين(٥): ضروريّ واختياريّ؛ فالضروريّ من فطرة اللّه تعالى، والاختياري فعل العبد.
  فالضروريّ مثل: معرفة استحسان الحسن، واستقباح القبيح؛ وهذه(٦) فطرة من اللّه فطر المكلفين عليها خاصّة.
  فأما استجلاب المنافع، والنّفار عن المضار فذلك عامّ في جميع الحيوان، وذلك مشاهد، ولا يسمّى عقلا لغير المكلفين، بل هو إلهام من اللّه تعالى (لهم)(٧)، وهو سبب حياتهم؛ وإبلاغ من اللّه في النعمة
(١) في (ب، ص، ش، ع): وقع بالجب.
(٢) في (ب): لم ينبت الشعر.
(٣) في (ع، ص): هناك.
(٤) في (ب، ت): فإن اللّه جعل اللحية دليلا على الذّكر.
(٥) في (ش): من وجهين.
(٦) في (ب): وهذا.
(٧) ساقط في (ش، ع).