حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في وجوب النظر والاستدلال

صفحة 66 - الجزء 1

  على ثلاث وسبعين فرقة كلّها هالكة إلا فرقة واحدة». وما روي عن أمير المؤمنين # قال: قال رسول اللّه ÷: «لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنيّة، ولا قول ولا عمل ولا نيّة إلا بإصابة السّنّة»، فوجب على كل عاقل أن ينظر ويختار (لنفسه)⁣(⁣١) مذهبا يشهد له به العقل والكتاب والرّسل⁣(⁣٢) والإجماع، وأن يجتهد في إصابة السنة، بالنظر والاستدلال والبيّنات.

  وقد ندب اللّه تعالى إلى قبول الحق بالبراهين والحجج، وذم المعرضين والغافلين عن معرفة الآيات والبيّنات؛ فقال عزّ من قائل:

  {وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}⁣[البقرة: ١١١]، وقال تعالى في ذمّ من اتبع الظن والهوى، ومال إلى الغفلة وترك النظر: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ ٨٣ حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}⁣[النمل: ٨٣ - ٨٤]، وقال عزّ من قائل: {وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}⁣[الجاثية: ٢٤]، وقال عزّ من قائل: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}⁣[النجم: ٢٨]، وقال تعالى وعزّ من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ ٧ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ ...} الآية [يونس: ٧ - ٨]، وروي عن رسول اللّه ÷ أنه قال:

  «تعلموا القرآن وعلّموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس،


(١) ساقط في (ب، ج، ش).

(٢) في (ث): والكتاب والرسول.