فصل في الكلام في وجوب النظر والاستدلال
  على ثلاث وسبعين فرقة كلّها هالكة إلا فرقة واحدة». وما روي عن أمير المؤمنين # قال: قال رسول اللّه ÷: «لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنيّة، ولا قول ولا عمل ولا نيّة إلا بإصابة السّنّة»، فوجب على كل عاقل أن ينظر ويختار (لنفسه)(١) مذهبا يشهد له به العقل والكتاب والرّسل(٢) والإجماع، وأن يجتهد في إصابة السنة، بالنظر والاستدلال والبيّنات.
  وقد ندب اللّه تعالى إلى قبول الحق بالبراهين والحجج، وذم المعرضين والغافلين عن معرفة الآيات والبيّنات؛ فقال عزّ من قائل:
  {وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}[البقرة: ١١١]، وقال تعالى في ذمّ من اتبع الظن والهوى، ومال إلى الغفلة وترك النظر: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ ٨٣ حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[النمل: ٨٣ - ٨٤]، وقال عزّ من قائل: {وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}[الجاثية: ٢٤]، وقال عزّ من قائل: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}[النجم: ٢٨]، وقال تعالى وعزّ من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ ٧ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ ...} الآية [يونس: ٧ - ٨]، وروي عن رسول اللّه ÷ أنه قال:
  «تعلموا القرآن وعلّموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس،
(١) ساقط في (ب، ج، ش).
(٢) في (ث): والكتاب والرسول.