حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في وجوب النظر والاستدلال

صفحة 70 - الجزء 1

  والدليل على أن خبر الآحاد يقبل في الفروع إجماع الأمة على ذلك، وهو أنهم أجمعوا على أن النبيء ÷ كان يبعث العمّال في البلاد فيقبل خبر العامل، مثل معاذ بن جبل حيث بعثه النبيء ÷ إلى اليمن. وأنه كان يكتب إلى من هو منتزح عنه⁣(⁣١) فيقبل كتابه، مثل ما روي عن عبد اللّه بن حكيم قال: كتب إلينا رسول اللّه ÷ قبل موته بشهر: «لا تنتفعوا من الميتة بلحم ولا عصب»⁣(⁣٢). وأجمعت الصّحابة على قبول خبر الواحد، كقبولهم خبر عبد الرحمن بن عوف في جزية المجوس، وكقبول خبر أبي بكر في إعطاء الجدّ السّدس.

  وروي عن أمير المؤمنين # قال: كنت إذا سمعت من رسول اللّه ÷ شيئا نفعني اللّه به بما شاء، فإذا سمعته من غيره حلّفته، فإذا حلف صدّقته. وحدّثني أبو بكر، وصدق أبو بكر.

  وكقبول خبر حمل بن مالك في جنين المرأة. فصحّ أن خبر الآحادي يقبل في الفروع دون الأصول لما قدّمنا. وصحّ أن النظر أصل من أكبر أصول الدين، لأنه به عرفت الأصول.

  فأما القياس فإنه لا يصح في الأصول، وقد يصحّ أن يقاس الشيء من الفروع بمثله، كما يقاس ما لم يسمّ، مما يكال ممّا أخرجت الأرض في وجوب الزكاة على مثله المسمّى، مثال ذلك: أن السّمسم والدّخن وأشباههما لم تسمّ في الخبر عن النبيّ ÷ فوجب أن يقاس على ما سمّي من التّمر والزبيب والحنطة؛ لأنه روي عن النبيء ÷


(١) في (أ): من هو متنزح عنه.

(٢) في (ب): بإهاب ولا عصب. وفي (ش، ع): ألا تنتفعوا ... إلخ. وفي (ن): ألا لا تنتفعوا ... إلخ.