حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في وجوب النظر والاستدلال

صفحة 72 - الجزء 1

  أيّهما أنجس البول أم الجنابة؟ قال: البول. قال: فلم أمر اللّه بالغسل من الجنابة وأمر بالاستنجاء من البول فقط؟ قال: لا علم لي. قال:

  يا نعمان، لم جعل اللّه المرارة في الأذنين، والملوحة في العينين، والرّطوبة في المنخرين، والحلاوة في اللسان والشفتين؟ ولم جعل بطن الراحة لا شعر فيه؟ قال: لا أدري.

  فسأله ابن أبي ليلى عن تفسير ذلك؛ فقال: أمّا قضاء الصّيام؛ فلأنه شهر في سنتها، فأمرها اللّه أن تقضيه لذلك. وأما الصلاة فإنها تصلّي في كل يوم وليلة سبع عشرة ركعة الفريضة، والنوافل تسع ركعات، لم يجب (عليها)⁣(⁣١) القضاء لأجل ذلك، يريد من قبل كثرة الصّلاة. قال: وأمّا القتل فإنه فعل واحد بمفعول به، فحكم فيه بشاهدين، والزنا فعل فاعلين فحكم لكل واحد بشاهدين، والبول يخرج من المثانة لا غيرها، فأمر فيه بالاستنجاء، والمنيّ يخرج من بين الصّلب والتّرائب، فأمر فيه بالغسل ليطهر به بدنه كله.

  قال أبو حنيفة: أوليس هذا قياس؟ قال: لا، بل أخبرني أبي عن أبيه عن النبيء ÷.

  قال: وأمّا مرارة الأذنين فلئلّا تدخل⁣(⁣٢) الهوامّ في⁣(⁣٣) خروق الأذنين إلى الدّماغ، وأمّا ملوحة العينين فلأنهما شحمتان، فأمسكهما بالملوحة لئلّا يذوبا⁣(⁣٤)، وأما الحلاوة في الفم فلأن يجد⁣(⁣٥) به طعم الأشياء.


(١) ساقط في (ص، ع، س).

(٢) في (ع): فلئلا يدخل.

(٣) في (ش): إلى.

(٤) في (ض): لئلا تذوبا.

(٥) في (ش، ص): فلأنه يجد.