فصل في الكلام في الأنوار واختلاف الليل والنهار
  وأيضا فإنا رأينا في الظّلمة خيرا كثيرا - وصلاحا للحيوان والأشجار - شهيرا، من ذلك: أن الليل يبرّد حرارة الشمس، ويعدّل الزمان، وفيه يستريح الناس ويهدءون، وينامون ويسكنون، ولو كان النهار سرمدا إلى يوم القيامة لزال الصّلاح، وعدمت الرّاحة والفلاح.
  وإذا كان فعلهما لا يتم إلا بمعدّل كانا أيضا عاجزين عن الخلق؛ لأنهما إذا عجزا عن التّعديل، عجزا عن الخلق للدقيق والجليل(١)، فبطل ما قالوا.
  وقال قوم - وهم عبّاد النّجوم، وهم بعض البراهمة: العالم قديم، والمدبّرات منه السبعة: الشمس، والقمر، والزهرة، والمشتريّ، وزحل، والمرّيخ، وعطارد. والبروج الاثنا عشر: الحمل، والثّور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسّنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدّلو، والحوت، هي بزعمهم(٢) المتحرّكات بالخير والشرّ، والحياة والموت.
  والحجة عليهم أنها تنتقل وتزول، وتغيب (وتحول)(٣)، ويغيّبها الأفول(٤)، وبذلك عابها إبراهيم الخليل ÷، وأنّها تجري بها الفلك، وتحويها الحبك، وتنقص، وتزيد، وتتحرّك(٥)، وهذه الحالات كلها
(١) في (س، ش): الدقيق والجليل.
(٢) في (ش، ع، ل): وهي بزعمهم.
(٣) ساقط في (ش، ع).
(٤) في (ث): ويعيبها الأفول.
(٥) في (ب، ص، س، ع): وتحترك.