الفلك الدوار في علوم الحديث والآثار،

صارم الدين إبراهيم الوزير (المتوفى: 914 هـ)

ومراتب التعديل أربع

صفحة 218 - الجزء 1

  ويقبلان من عدل موافق، لايحمله عليهما هوى كعداوة أو حسد أوعصبية فيمن يحتملهما، فلا يسمع توثيق بسر بن أرطأة، وعمر بن سعد، و العلاء السياف، وعبيد الله بن زياد ونحوهم، ولا يسمع جرح الحارث الأعور، وجابر بن يزيد الجعفي و أبي خالد ونحوهم، وكذا الترجيح فلا يسمع ترجيح مجالد على الصادق كما زعم القطان، قال مولانا عز الدين محمد بن إبراهيم: «الجرح والتعديل مقام صعب لا ينبغي فيه التقليد، وقد وقع فيه تعصب شديد بين أهل المذاهب، والحق أنه لا يقبل الجرح إلا مع بيان سببه، وأن قولهم: فلان كذاب. من الجرح المطلق، لأنهم قد يطلقونه على من يخالفهم، وهم من أهل الصدق، و إذا كانت العداوة بين مؤمنين متفقي العقيدة لم يقبل قول أحدهما في الآخر، ولا شهادته عليه، كيف مع اختلافهما خصوصاً في حق المتعاصرين المتجاورين؟ وقد جرح بذلك خلق كثير سيما من كان داعية إلى مذهبه». ومن طالع كتب الجرح والتعديل عرف مفسدة التقليد فيهما، وقد عاب قوم على المحدثين كابن معين وغيره الكلام فيهما، وليس كذلك على الإطلاق، إذ هما أصل عظيم عليه مبنى الإسلام، وتأسيس قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام، وإنما المعيب من ذلك هو: جرح العدل بمجرد المخالفة في الاعتقاد، كفعل الجوزجاني وغيره من النواصب، أو رد حديثه بشدة التعنت في التعديل، وقد وصم بذلك كثير من الفضلاء، وهو في القدماء كثير، وفي المتأخرين من أتباع الأئمة الأربعة، حيث يخالف الحديث مذهب أئمتهم.