[الإمامة]
  - إما أن يكون ليبلغهم أنفسهم.
  - أو لينفذوا ما بلغهم.
  والأول باطل؛ لأن التبليغ ليس لأناس مخصوصين؛ بل لجميع العباد، فثبت أن الاصطفاء للتنفيذ، فالمنفِّذ يحتاج إلى الاختيار، والإمام مُنفِّذ.
  الوجه الرابع: أن النبوءة والخلافة يشتركان في الولاية والإمامة والملك، ولهذا قال تعالى في إبراهيم ~: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً}[البقرة ١٢٤]، وقال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ...} الخ [المائدة ٥٥]، وقال: {النَّبِيءُ اَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}[الأحزاب ٦]، وقال: {إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً}[البقرة ٢٤٧]، وقال: {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ}[البقرة ٢٥١].
  فإذا ثبت اشتراكهما في هذه الثلاثة، وهذه الثلاثة لا تثبت للأنبئاء À إلا بأمر الله واختياره، فكذلك الخلفاء لا يكونون خلفاء أئمة ولاة ملوكًا إلا بأمر الله: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء}[آل عمران ٢٦]، وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِئَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً}[المائدة ٢٠]، وقال: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}[البقرة ١٠٢]، وليس ملك سليمان إلا النبوءة.
  وقال في الإمامة: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِيَ الظَّالِمِينَ}[البقرة ١٢٤]، وقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}[السجدة ٢٤]، وقال تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}[القصص ٥]، وهذا نصٌّ صريح في أنه الذي يختار الأئمة، وأنه الذي يجعل الإمام إمامًا.
  وقال في الولاية: {النَّبِيءُ اَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}[الأحزاب ٦]، وقال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة ٥٥].