[الإمامة]
  وقال في الخلافة: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}[ص ٢٦].
  فثبت بهذه الآيات أن الاختيار في هذه الأربع إلى الله تعالى، وأنه الذي يجعل: الملك، والإمامة، والولاية، والخلافة، لمن يشاء، وأنه الذي يجعل: الإمام إمامًا، والملِك ملكًا، والولي وليًّا، والخليفة خليفةً؛ ولأن الإمام خليفة للنبيء ÷، ولا يصح أن يكون خليفة ولم يستخلفه، كما أن الوكيل لا يكون وكيلًا بغير توكيل الموكِّل، وكذا النائب لا يكون نائبًا بدون استنابة، وهذا واضح.
  ولأن الإمامة ولاية شرعية؛ لأن المتولي يدعي أنَّ له ولاية على الناس، وأنه يجب عليهم طاعته، فكيف تثبت له الولاية ولم يوله الله تعالى، ورسوله، فلا تثبت إلا ببرهان، كما قال الله: {إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[يونس ٦٨]، {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ}[النجم ٢٣]، وإلا لزم صحة دعوى فرعون - لعنه الله - للربوبية لو كانت الدعاوى تثبت بغير براهين، ودعوى الملحدين قدم العالم.
  ومنها: أنه لا يثبت لأحد ما يدعيه إلا ببرهان؛ ولهذا لم تثبت لله الإلهية إلا بالأدلة والبراهين، ولم تثبت للأنبئاء À النبوءة إلا بالمعجزات والبراهين!
  فكيف تثبت لأحدٍ الإمامة بغير برهان؟! لأن معنى الإمامة: أنه متولٍّ علينا، وأنه خليفة رسول الله ÷، وأنه يجب علينا طاعته، وهذا لا يمكن أن تكون له ولاية علينا ولم يوله الله، ولم يُؤَمِّرْهُ علينا، ولا نعترف لأحد بالولاية علينا إلا لله؛ لأنه الذي خلقنا ورزقنا وأنعم علينا بما لا نحصيه من النعم، فهو ربنا ومالكنا وولي أمرنا؛ فمن ولَّاه علينا، فله الولاية، ومن أَمَّرَهُ الله علينا، فله الإمارة، ولا يمكن أن يكون خليفةً لرسول الله ولم يستخلفْه.
  وهكذا كل من ادعى مالًا أو أرضًا بغير برهان، فلا يثبت له، وكل دعوى بغير برهان فهي دعوى باطلة عاطلة، ولا يثبت بالاغتصاب لا مال ولا حق، لا عقلا ولا شرعا.