القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[بحث في الصغائر والكبائر]

صفحة 147 - الجزء 1

  ونتيجة الخلاف أنهم يريدون الحكم لصاحب الكبيرة بالجنة، ويثبتون له أحكام المؤمنين، ويقولون: هو مؤمن بإيمانه، فاسق بفسقه، ولكن الأدلة التي أوردناها سابقاً أن فاعل الكبيرة يخلد في النار، والتي أوردناها الآن الدالة على نفي الإيمان شرعاً عن فاعل الكبيرة تبطل ما يدعونه.

  ولا ننكر أن الإيمان لغة هو التصديق، وقد استعمله في القرآن كثيراً، ولكنه يقيده بالعمل الصالح، فلم يبق لهم سبيل، ولا دليل على ما يريدونه.

[بحث في الصغائر والكبائر]

  هذا واعلم أن أصحابنا اختلفوا في الكبائر، والصغائر ما هي؟

  فبعضهم قال: إن كل عمد كبيرة لا تُكَفَّرُ إلا بالتوبة، والصغائر إنما هي الخطأ والنسيان ونحوهما.

  وبعضهم قال: إن الصغائر بعض العمد مجهولاً؛ لئلا يلزم الإغراء بالقبيح لو كانت غير مجهولة، لأن الإغراء به قبيح، والله مُنَزَّه عن فعله.

  ويردُ على كلا القولين إشكالات:

  يرد على الثاني: أن الصغائر إذا كانت مجهولة كان قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}⁣[النساء: ٣١]، عارياً عن الفائدة؛ لأنَّه إذا كان بعض العمد صغيرة مجهولة لزم أن بعضه كبيرة مجهولة، فكيف يدلنا على اجتناب الكبائر، ليكفر الصغائر ونحن لا نعرف كبيرة من صغيرة؟!

  فإن قيل: قد بين الكبائر في الحديث، وهو قوله ÷: «الشرك بالله، وقتل النفس ...»⁣(⁣١) الخ.


(١) أمالي المرشد بالله الشجرية - (ج ١ / ص ٢٦) الأمالي الشجرية - (ج ١/ ص ١٣) الدراري المضيئة شرح الدرر البهية ج لمحمد بن علي الشوكاني - (ج ١/ ص ٣٤٨) سنن البيهقي الكبرى - (ج ١٠/ص ١٢١) صحيح مسلم - (ج ١/ ص ٩١) مسند الشاميين (ج ٢/ص ٢٠٠) الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم - (ج ٢ / ص ٣٧٩) صحيح مسلم (ج ١ / ص ٦٤).