[المخازي التي تلزم من القول برضاء الله بالمعاصي]
[المخازي التي تلزم من القول برضاء الله بالمعاصي]
  ٣٤ - لو كان يَرضى بفعل المجرمين فإ ... نَّ المجرمين لِمَا يَرضاه قد قَصَدوا
  ٣٥ - أو كان ما عمل الإنسان من عمل ... فالفعل ليس له والفاعل الصَّمَدُ
  ٣٦ - أو كان أجبرهم في كل ما عملوا ... وإن أساءوا وإن أخطوا وإن عَمَدُوا
  ٣٧ - لصار ما أنْزَلَ الرَّحمنُ مَهْزَلَةً ... والكافرون بما أوحاه ما عَنَدُوا
  ٣٨ - وأصبح الأنبياء بَعْثُهُمْ عبثاً ... والكفرُ بالله والإيمان يَتَّحِدُ
  أي لو كان لا يقع في ملك الله إلا ما يرضاه فإن المجرمين قد أرضوا الله بما أجرموا؛ لأنَّه يرضى بالمعاصي، ويشاؤها.
  ولأن الأفعال كلها من الله عندهم والله لا يفعل إلا ما يريد كما قال: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}[البروج: ١٦]، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس: ٨٢]، وصارت الكتب التي أنزلها الله مهزلة، وبعث الأنبياء À وسلامه صار عبثاً، ولا يقدر العاصي على فعل ما أمره به، ولا الانتهاء عما نهاه عنه، فصارت المعصية والطاعة كلتاهما طاعة.
  والأمر والنهي كلاهما عبثاً؛ لأنَّه لا فائدة في أمر من لا يستطيع الفعل، ولا نهي من لا يقدر على الانتهاء، حاشا الله من هذه المسخرة.
  وصار الأمر كمن يأمر المجانين والبهائم بكل ما أمر، وينهاهم عن كل ما نهى، ثم يعذبهم إن لم يأتمروا، ولم ينتهوا.
  وصار أمره، وشأنه، وقبيحُ فعله، أعظمَ ممن يُطْلِع الحمير والكلاب، والسفلة في المناظر الجميلة الرفيعة، ويفرش لهم الحرير، والزلَّ، وأجمل الفرش وأغلاه، ويقدم لهم أشهى المأكولات، وأحسنها، ويضعُ أشراف القوم، وساداتهم بين روث الحمير، والزبالات، وبراز الآدميين؛ لأنَّ ذلك تعظيم من لا يستحق التعظيم، وإهانة من لا يستحق الإهانة.