القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[الاشتراك في التسمية لا يوجب التشبيه]

صفحة 59 - الجزء 1

  والجواب والله الموفق للصواب، ومنه نستمد الإعانة، والتيسير، والسداد أنا نقول: اعلم أن على طالب العلم أنْ يعرف أنَّ المقصد بطلب العلم البحث عن معرفة الحق والانقياد له، ولا يعرف الحق من الباطل إلا بالبراهين، وإذا قد عرف الحق وأهله بالأدلة المعلومة التي لا ريب فيها فلا يخرج عنهم لإشكالات وردت على بعض مذاهبهم، بل يحاول حل الإشكال إن قدر، أو الرجوع إلى الأصل وهو أن هؤلاء هم أهل الحق بالأدلة القطعية، وإن وقع بعض الإشكالات في بعض المسائل، وعلى طالب العلم الإنصاف ومجانبة الهوى؛ لأنَّ الهوى يصد عن الحق.

  وثانياً: أنَّا نجيب على هذا السؤال بعدة أجوبة:

[الاشتراك في التسمية لا يوجب التشبيه]

  الجواب الأول: أنَّ الله سبحانه قد نفى التشبيه بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، وهذه من صفات المدح التي اختصَّ بها، وتميز بها، ولا تكون مدحًا إلاَّ إذا كان مختصًا بصفات الكمال التي لا يشاركه فيها مشارك، مُنَزَّهًا عن صفات المخلوقين التي يلزم منها الضعف، والعجز، والحدوث، والحاجة، وقد أوضحنا أن الجسم هو: الذي له مقدار طول، وعرض، وعمق، وهذا الذي عليه الأمة بأسرها، بل وغيرهم.

  وقد أوضحنا بما لا مزيد عليه أنَّ كلَّ مقدَّر ومكيَّفٍ فلا بدَّ له من مُقَدِّرٍ ومُكَيِّفٍ؛ لأنَّها تجوز عليه مقادير وتكييفات كثيرة، لا يمكن أن يختصَّ بأحدها، وهو يجوز العكس أو الضد، إلاَّ باختيار مختار، وإلاَّ كان تحكمًا، وتخصيصًا بدون مُخَصِّص.

  وهل يثبت خلق السموات والأرض، والجبال التي لم يشاهد أحدٌ خلقها إلاَّ بهذه الطريقة، والطرق التي قدمناها، وهي ثابتة في كلِّ الأجسام، ولا نستطيع أن نجيب على الملاحدة، والذين حكموا بقدم العالم، إلا بهذه الطرق.