فصل
  يجب إتباعه بالأدلة المستوفاة في مواضعها كما في «شرح غاية السؤل».
  ويضعف هذا الحديث: أنه لم يحتج به أحد من الصحابة في محاوراتهم ومنازعاتهم أيام الخلفاء من أيام السقيفة إلى أيام الشورى.
  إذا تقرر هذا، فأولهم وسيدهم وأعلمهم ووالدهم: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه، وقد وردت فيه نصوص وبراهين خاصة تدل على إمامته؛ منها:
  حديث الغدير(١): فإنه لما أمر الناس بالاجتماع وخطبهم، ثم قال: «يوشك أن أدعى فأجيب»؛ أي: أنه قد قرب أجله، ثم حثَّهم على الثقلين، وحذرهم من ظلم عترته، ورغَّبهم في توليهم، وقال إنه سيسألهم عنهم وعن الكتاب حين يردون عليه الحوض؛ وهو يؤيد حديث الرايات الثلاث الذي أخبر فيه أنه سيرد عليه ثلاث رايات يوم القيامة، فيسألهم عن الثقلين، ثم قال: «ألست أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: بلى، يا رسول الله، ثم قال: «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله»، وهذا لا شك ولا ريب في أن المراد به: ملك التصرف، وهو الإمامة؛ لأنه لا يكون لقوله: «ألست أولى بكم من أنفسكم؟» فائدة إن لم يكن المراد به
(١) خبر الغدير متواتر روته طوائف الأمة: فأما أهل البيت (ع) فإجماعهم عليه ظاهر مشهور، ومؤلفاتهم ترويه وتحتج به، وكذلك شيعتهم (رض)؛ قال الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي (ع) في لوامع الأنوار ط ٣/ ١/٧٤: «وخبر الموالاة معلوم من ضرورة الدين، متواتر عند علماء المسلمين، فمنكره من الجاحدين. أما آل محمد À فلا كلام في إجماعهم عليه. قال الإمام الحجة، المنصور بالله عبد الله بن حمزة (ع)، في الشافي: هذا حديث الغدير ظهر ظهور الشمس، واشتهر اشتهار الصلوات الخمس. اهـ. وانظر فيه التخريج من ص ٧٤ - ٩٤.
وممن رواه من العامة: ابن ماجه في سننه [١/ ٤٥] رقم (١٢١)، وأحمد ابن حنبل في الفضائل [٢/ ٥٩٦] رقم (١٠١٦)، والنسائي في سننه [٧/ ٤٣٩] رقم (٨٤١٩)، وابن حبان في صحيحه [١٥/ ٣٧٦] رقم (٦٩٣١)، والطبراني في الكبير [٥/ ١٧٠] رقم (٤٩٨٣)، والحاكم في المستدرك [٣/ ٦١٤] رقم (٦٢٧٢)، وغيرهم كثير، وتتبعُ رواياته وطرقه يستوعب المجلدات الكبار، قال عنه الذهبي ما لفظه: «رأيت شطره فبهرني سعة رواياته، وجزمت بوقوع ذلك» [سير أعلام النبلاء: ١٤/ ٢٧٧] ترجمة رقم (١٧٥)، وقال أيضًا: ومتنه فمتواتر. [سير أعلام النبلاء: ٧/ ٣٣٣] ترجمة رقم (١٢٥٧)، بل وأفرد له مؤلفًا سماه: طرق خبر من كنت مولاه فعليٌّ مولاه. وعده السيوطي من المتواترات، ورواه الطبري من خمس وسبعين طريقا، وأفرد له كتابًا اسمه: «الولاية».