فصل
  ولأن الله جعل العلة في استحقاق الملك: العلم والاصطفاء، وهم أعلم الناس وقد اصطفاهم.
  ولقول النبيء ÷: «من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر من ذريتي فهو خليفة الله في أرضه ..»(١) الخ، فجعل الذرية شرطا في استحقاقها؛ ولقوله ÷: «من سمع واعيتنا أهل البيت» وفي بعض الروايات: «داعيتنا فلم يجبها، كبَّهُ الله على وجهه - أو: على منخريه - في نار جهنم(٢)»؛ ولقوله ÷: «سيكون من بعدي قوم يرفضون الجهاد مع الأخيار من أهل بيتي إذا أدركتهم، يا علي، فاقتلهم ..»(٣) الخ، فقد أمر بقتلهم لتركهم الجهاد مع الأخيار من أهل البيت.
  ولأن الأمة قد أجمعت على صحتها فيهم، ولم يقم دليل عل صحتها في غيرهم، وليس للإمامية دليل على حصرها في اثني عشر منهم؛ بل قام الدليل على بطلانه؛ لأن الأمة تكون مهملة بعد موت الحسن العسكري لأكثر من ألف عام! وإلى متى؟! وهو خلاف الحكمة والقصد في مشروعية الإمامة!
  وحديث: «الأئمة من قريش» ليس لهم فيه دلالة؛ لأن «مِنْ» للتبعيض، ولم يقل: «في كل»؛ وقد بيَّنَ البعضيةَ أميرُ المؤمنين # بقوله: (في هذا البطن من هاشم ..)(٤) الخ، وحصْرُ أمير المؤمنين # لها فيهم دليل - أيضًا -؛ لأنه حجة
(١) الإمام الهادي إلى الحق # في الأحكام ٢/ ٣٧٧.
(٢) ممن رواه من آل محمد (ع): الإمام الهادي (ع) في المجموعة الفاخرة [٩٢]، والإمام المؤيد بالله (ع) في شرح التجريد [٦/ ٤٨٤] وقال: رواه الطحاوي، والإمام أحمد بن سليمان (ع) في أصول الأحكام [٢/ ١٤١٢] رقم (٢٥٨١)، والإمام المنصور بالله (ع) في الشافي [٤/ ١٩١]، والأمير الحسين (ع) في الشفاء [٣/ ٤١٢]، وغيرهم.
وممن رواه من العامة: الصدوق في أماليه [١/ ٢٠٠] موقوفا على الحسين السبط، وكذا لمجلسي في بحار الأنوار [ج ٦٥/ ٦١] رقم (١١٣)، والشيخ المفيد في الإرشاد [٢/ ٨٢] والطوسي في اختيار معرفة الرجال [١/ ٣٣١].
(٣) رواه أبو العباس الحسني (ع) في المصابيح [١٩٩]، برواية الإمام الهادي (ع) عن أبيه عن جده، ورواه صاحب المحيط بالإمامة [٥٣] بروايتهما.
(٤) نهج البلاغة الخطب (١٤٤).